حضارة الدم؛تاريخ الإرهاب الامريکي(5)

إرهـــــاب الصــــهاينة

 

بالنسبة للإرهاب الموجه تجاه الشعب الفلسطيني فقد تنوع مابين القتل والإغتيال والإعتقال والتهجير والتشريد وهدم المنازل وإقتلاع المحاصيل وإنكار وتشويه الهوية العربية لهذا الشعب المسكين.

الصهاينة من يهود وعرب وأوروبيين وأمريكان إجتمعوا على إختلاف مللهم ودولهم على إبادة الشعب الفلسطيني .

فمنذ أن أصبحت فلسطين هدفاً للعدوان والإرهاب المُركب .. والصهاينة اليهود ومن ورائهم الإنجليز ( والأمريكان فيما بعد ) يذيقون الفلسطينيين كافة صنوف العذاب ، فالمجازر بحق الفلسطينيين تكاد لا تعد ولا تحصى ، وضحاياها تجاوزوا مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشوهين .

ونستطيع تقسيم مراحل الإرهاب ضد الفلسطينيين على مرحلتين :

 

ا ) مرحلة ماقبل الحرب العالمية الثانية وتأسيس دولة إسرائيل .

ب) مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية وقيام إسرائيل وحتى يومنا هذا .

 

ففي المرحلة الاولى كان قطعان المستوطنين قد نظموا أنفسهم في منظمات إرهابية مثل :( البلماخ - Palmach ) و ( إرغون - Irgun ) و ( هاغاناه - Haganah ) و ( شتيرن - Stern ) و ( لايهي - Layhi ) والتي كانت كلها تعمل تحت سمع وبصر جيوش الإحتلال البريطانية والتي قامت بدورها بتمويل وتسليح وغض البصر عن إجرام تلك العصابات .

كل القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل الدولة كانوا أعضاء نشيطين في عصابة القتل الصهيونية وشاركوا بفاعلية في إبادة الفلسطينيين ومنهم :

ديفيد بن جوريون - مناحم بيغين - إسحاق شامير - موشي ديان - أرئيل شارون - إسحاق رابين .

عمليات القتل والإرهاب كان هدفها الأول هو التطهير العرقي للفلسطينيين وطردهم خارج أرضهم .

بن جوريون قالها صراحة في مذكراته : (( أن جوهر الصهيونية هي نقل اليهود ، وأن أهدافها الأخرى هي الإستقلال وطرد العرب ، ولا يمكننا الإكتفاء بأحد الهدفين ))

موشيه شاريت - Moshe Sharett أول وزير خارجية للكيان الصهيوني قال : (( لقد نسينا أننا لم نأتي إلى أرض خلاء للإستيطان ، ولكننا جئنا لفتح بلاد بها سكانها ))

في عام 1937 كتب أحد الصهاينة ويدعى ( مناحيم اوزيشيكين - Menachem Ussishkin ) بخصوص التطهير العرقي قائلاً : (( لا يمكننا إقامة دولة يهودية في أرض نصف تعدادها من العرب ، دولة كتلك لن تصمد لنصف ساعة ))

وأعتذر للإخوة والأخوات أعضاء الأحلام من القراء والمثقفين لنقل أحداث المجازر التي إرتكبها الغزاة المجرمون لأنها تأخذ صفحات كثيرة وأعتقد أن أكثرنا قرأها أو قرأ معظمها من قبل ... باتمان .

والمهم أن الهدف الذي أراد اليهود أن يصلوا إليه من خلال هذه المجازر هو إشاعة الرعب والخوف بين الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل قبيل إعلان الدولة العبرية .

ولكن العبرة التي يجب أن نستخلصها من هذه المجازر البشعة هي أنه رغم وداعة أهل القرى الفلسطينية وعدم حملهم للسلاح هوجموا من قبل اليهود وقتلوا وهم ينظرون لبعضهم البعض .

أي أن الركون إلى السلام وترك السلاح لم يطيل من أعمار سكان القرى كما كانوا يعتقدون .

 

عقب إعلان دولة إسرائيل واعتراف دول العالم بها (( أول دولة إعترفت بإسرائيل هي أمريكا ، ثم تلتها روسيا ومن ثم ليبيريا )) أصبحت المجازر بحق الفلسطينيين أكبر وأشنع واتخذت صفة حكومية لأن العصابات كلها توحدت لتشكل جيش الإحتلال الإسرائيلي وتشكل معه جيش الإحتلال الأمريكي للشرق الأوسط .

فالأمريكان تبنوا الصهاينة ودولتهم والصفقة كانت الحماية والدعم اللا محدود لإسرائيل في مقابل خدمة مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعمل كقاعدة عسكرية متقدمة ولأنها لا يتغير بتغيير الظروف والأنظمة .

من أجل نجاح تلك الصفقة قام الأمريكيون بعملهم على أكمل وجه ، فقد سلحوا الصهاينة بشتى أنواع الأسلحة وأكثرها تطوراً وفتكاً ودعموهم بالأموال وساندوهم أمام المحافل الدولية وشرعوا إجرامهم بحق العرب وأسدلوا ستائرهم السوداء على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين بل في بعض الأحيان ذادت عنصرية وظلم الأمريكان عن عنصرية وظلم إخوتهم في الإجرام الصهاينة ، فعندما هدم اليهود 62 منزلاً في مخيم رفح بتاريخ 10 يناير 2002 وشردوا أكثر من 500 فلسطيني في العراء صرح وزير الخارجية الأمريكية ( كولن باول - Colin Powell ) بأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها مناسبة وأن هدم المنازل كانت عملية دفاع عن النفس ( Self-Defense Operation ) ..... حسبنا الله ونعم الوكيل .

الإسرائيليون من جهتهم لم ينالوا بعد الفرصة التي يستطيعون بها رد الدين إلى واشنطن لأن الحكومات العربية تفانت في خدمة راعي البقر الأمريكي قبل حتى أن يصدر إليهم أوامره .

الفلسطينيون من جهتهم وخلال القرن الماضي رفضوا الركوع أو الخضوع أو إلقاء السلاح للإرهاب الصهيوني اليهودي أو الصهيوني العربي أو الصهيوني الأمريكي ، مؤكدين بذلك صدق الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الذي قال في حديثه : (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خذلهم ، وهم في رباط إلى يوم الدين ، حتى يأتيهم نصر الله وهم على ذلك ، قيل من هم يا رسول الله فقال : أناس ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ))

ولم يكف أهل الرباط يوماً عن القتال من أجل حلمهم الجميل في تحرير أراضيهم وبناء دولتهم مرة أخرى وتحديد مصيرهم بنفسهم ، فهم يعرفون بأنهم لن يخسروا شيئاً لو أنهم ثاروا على الإحتلال الذي سلبهم كل شيء ولم يترك لهم سوى القيد والخيمة . فالفلسطينيون لم يتوقفوا أبداً عن إشعال الثورة في أثر الثورة والإنتفاضة تلو الإنتفاضة ، هادمين الأسطورة الصهيونية من أساسها والتى أعتمدت على إنكار حق الشعب الفلسطيني في أرضه .

إحدى الصحف الأسبوعية المحلية ذكرت في معرض حديثها عن صمود الشعب الفلسطيني أثناء الإجتياح الأخير أن أحدهم إتصل بقائد للمقاومة في جينين وطلب منه أن يفر بجلده فالإسرائيليون لابد مقتحمين المخيم ومبيدي أهله وقال له إن الحرب كر وفر ..... فأجابه المقاتل : قسماً على الله ( أننا سننتصر بإذنه ، وأن حربنا حرب كر وكر ، وأنهم إن قتلونا في مدننا في جنين ونابلس ورام الله فإننا سنحرقهم في مستعمراتهم بمجرد إعادة تنظيمنا لصفوفنا )

وهو ماحصل عندما عادت العمليات الإستشهادية البطلة إلى حصد أرواح الصهاينة الغزاة في حيفا والقدس ويافا وتل أبيب .

كل هذا والعرب ينظرون ببلاهة إلى مشاهد الدم والدمار ولسان حالهم يقول للفلسطينيين (( اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا إنا هاهنا قاعدون )) وهو ما أدركه الفلسطينيون عندما خرجت منهم الفدائيات وفاء أدريس وآيات الأخرس وعندليب طقطاقة ودارين أبو عيشة ليفجروا أجسادهم الرقيقة الغضة قنابل في وجوه الصهاينة وليقاتلوا بها الغزاة بعد أن عربد ملك الروم وغاب عنهم معتصم العرب .

إننا وأمام هذا الصمود لا نملك إلا الإصرار على الوقوف إلى جانب أشقائنا والتخندق معهم ضد الغزاة البرابرة لأنه لو تركنا الشعب الفلسطيني الآن ينهار تحت سيل الإرهاب الصهيوني الأمريكي فإننا نرتكب جريمة بحق أنفسنا لأننا تركنا المداميك الواقفة ببسالة والتي لو سقطت فإن الطوفان سيغرق كل مدننا وقرانا ولن يرحم أحد منا .

 

وإلى الزيول من مدعي الإستسلام والتطبيع نورد مقتطفات من نص خطاب زعيم التحرير الوطني الهندي وأحد أنصار السلام الخالد (( المهاتما غاندي - Mahatma Gandhi )) الموجه إلى الصهاينة الذين طلبوا سماع رأيه في مسألة الصراع في فلسطين والخطاب موجود في سجلات أعماله بتاريخ 26 نوفمبر 1938 :

(( إن البكاء من أجل وطن قومي لليهود لا يحرك أي عواطف بداخلي )) .... (( لماذا لا يمكنهم ( اليهود ) مثلهم مثل جميع البشر الإكتفاء بالوطن الذي يولدون فيه كأوطانهم ؟ )) ... (( فلسطين هي ملك للعرب ، كما هي إنجلترا ملك للإنجليز وفرنسا ملك للفرنسيين ، إنه لمن الخطأ واللا إنسانية فرض اليهود على العرب )) .... (( إنها لجريمة أن يتم إنقاص أعداد العرب ليتمكن اليهود من الإستيطان في فلسطين أو في جزء منها )) ... (( أنا لست بصدد الدفاع عن العرب هنا وكنت أتمنى أنهم لو سلكوا طريق اللا عنف في مقاومتهم ، ولكن من منطلق الصواب والخطأ ليس هناك مايمكن أن يقال ضد المقاومة العربية ))

 

فلا نعتقد بأن هناك من يفوق غاندي حباً للسلام وكرهاً للعنف .. ولكنه وهو الإنسان العادل لم يستطع تحريم مقاومة الفلسطينيين ونضالهم لتحرير بلادهم وإن استخدموا العنف في ذلك .

 

مع لفت الأنظار إلى أن غاندي لم يشاهد من المجازر الإسرائيلية ما نشاهد نحن هذه الأيام على شاشات التلفاز .

عقد الخمسينات

كوريـــــا :

 

قارة آسيا ممثلة في شبه الجزيرة الكورية كانت مسرحاً لعمليات القتل والإبادة والإرهاب الأمريكي .

فبعد إلقاء القنابل النووية على اليابان وقتل مئات الآلاف هناك توجهت آلة القتل الأمريكية والمسماه بالجيش الأمريكي إلى كوريا ( التي كانت موحدة حتى وصول سفراء الشر الأمريكان ) تقتل وتبيد الملايين الأخرى من الشعوب المغلوبة على أمرها في شبه الجزيرة الكورية .

فعقب إندحار الإحتلال الياباني عن كوريا بعد هزيمة الإمبراطورية اليابانية وبسبب المقاومة الصلبة التي أبداها شعب كوريا ضد المحتلين الأجانب ، حطت القوات الأمريكية رحالها هناك ، وبدأت تمارس سياسة خلع الأنظمة وإحلال أخرى تكون تابعة زليلة لأمريكا ، تلك السياسة التي برع فيها الأمريكيون عبر التاريخ .

فقد قاموا بخلع الحكومة المحلية والتي شارك معظم أعضاؤها في طرد ومقاتلة اليابانيين وهم من الفئات المناوئة للسياسات الفاشية ، وقاموا بإبدالهم بحكومة (( سيجمان ريه - Sygman Rhee )) الفاشية التي إشتهر أعضاؤها بالعمالة لليابانيين إبان إحتلالهم لكوريا .

هذه الحكومة بدأت حكمها بإعدام كل الوطنيين والمقاتلين الشرفاء في كوريا ( أحد الأرقام تتحدث عن 300.000 ضحية ) بتحريض من الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة إنتمائهم للشيوعية .

القوى الوطنية لم تعد تتحمل هذه المجازر بحق أبناء الشعب الكوري ، لذلك بدءوا في تنظيم الصفوف لمقاتلة حكومة العمالة وأمريكا ، وهذا ما أدى إلى إشعال مايعرف بالحرب الكورية .

فالوطنيون في الشمال ومعهم المتطوعون الصينيون من جهة وقوات كوريا الحكومية والقوات الأمريكية من جهة أخرى بدءوا حرباً ضروس للسيطرة على شبه الجزيرة الكورية .

 

الإبادة :

 

خلال تلك الحرب لم تترك قوات سلاح الطيران الأمريكي حجر على حجر إلا وقصفتهما معاً في إحدى أشرس حملات القتل ضد الأهداف المدنية .

فما بين أعوام 1950 و 1953 ألقت القاذفات الأمريكية فوق الأجزاء الشمالية من كوريا أكثر من عشرين ضعفاً مما ألقته من قنابل النابالم في الحرب العالمية الثانية على جميع الجبهات .

القوات الأمريكية إستخدمت الأسلحة البيلوجية المحرمة في حملة إبادتها في كوريا ، رغم أن جميع الأعراف والقوانين الدولية تحرم إستخدام مثل تلك الأسلحة .

كان الجنود الأمريكيون يطلقون لفظة ( غوك - Gook ) على أفراد الشعب الكوري ، وهي لفظة تحقير لذوي العيون الضيقة ، وهذه سياسة أمريكية مستمرة لتحقير الشعوب التي تعاديها من أجل تصويرهم على أنهم جنس أقل من الجنس البشري ، لتسهيل مهمة قتل وإفناء تلك الشعوب على جنود الجيش الأمريكي .

( رامزي كلارك - Ramsey Clark ) وزير العدل الأمريكي الأسبق والمدافع عن حقوق الإنسان المشهور تحدث عام 2001 في فندق ( كوريو ) في عاصمة كوريا الشمالية ( بيونج يانج - Pyongyang ) عن جرائم الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الحرب الكورية فقال :

(( إن جرائم الحرب التي قام بها الأمريكيون ضد الشعب الكوري تشمل عمليات إعدام جماعية بحق السجناء السياسيين في سجون كوريا الجنوبية من سبتمبر 1948 وحتى قيام الحرب الكورية في يونيو 1950 ))

(( الشعب الكوري مثله مثل الشعب الفيتنامي ، قاسى الأمرين والكثير من المذابح على يد جنود الإحتلال الأمريكي ))

مقتطفات عن أعداد الضحايا الكوريين التي حصدت أرواحهم قوات الشر والإرهاب الأمريكي :

- في أرياف مدينة ( سينشون - Sinchon ) قتل الأمريكيون مايناهز 35.000 كوري خلال فترة إحتلالهم للمنطقة مابين سبتمبر 1950 وحتى شهر ديسمبر من نفس العام ( قبل أن يحرر الكوريين هذه المنطقة ) .

- في نفس هذه الفترة هدم الأمريكيون 5484 منزلاً وسحقوا 618 مصنعاً قبل أن يجبروا على الإنسحاب منها .

- وحتى أثناء عملية الأنسحاب رصد الأمريكان 900 إمرأة كورية مع أطفالهن يختبئون في ملجأ في نفس المنطقة فما كان منهم إلا أن ضخوا وقوداً من خلال فتحات التهوية إلى الملجأ ثم قاموا بإحراق كل من كان داخل المخبأ .

- في ( ونام-راي Wonam-Ri ) إحتجز الأمريكان 502 من النساء والأطفال في عنبرين من عنابر الطائرات ثم أحرقوهم أحياء ، وكان ذلك في شهر ديسمبر من عام 1950 .

وهناك الكثير والكثير من المذابح حتى وصل عدد الضحايا لأكثر من ثلاثة ملايين ضحية كوري شمالي وجنوبي.

مذبحة (( نو غن ري )) :

في سبتمبر 1999 وتحديداً في التاسع والعشرين من ذلك الشهر نشرت وكالة ( الأسوشيتدبرس ) للأنباء مقالاً أحدث دوياً في أنحاء كثيرة من العالم ، تحدثت فيه عن مذبحة إرتكبتها القوات الأمريكية تجاه شعب كوريا ، تلك المذبحة عرفت بمذبحة ( نو غن ري - No Gun Ri )

المذبحة كانت بحق لاجئين من كوريا الجنوبية حاولوا الفرار من ويلات الحرب جنوباً في منتصف عام 1950 .

تحديداً في أواخر شهر يوليو من عام 1950 قصفت طائرات سلاح الجو الأمريكي قوافل من اللاجئين الكوريين الذين حاولوا الهرب من جحيم الطائرات واحتموا أسفل الجسر ..... حصيلة القتلى 400 قتيل على الأقل .

الجنود الأمريكان المتقاعدين يصفوا ما حدث فيقولون (( لقد حدث ذلك في الأسابيع الأولى للحرب ، حدث بناءاً على أوامر عسكرية عليا بفتح النيران على المدنيين خوفاً من تسلل المقاتلين إلى كوريا الجنوبية منتحلين صفة اللاجئين ))

شن شون - جا - Chun Choon - Ja ) أحد الثلاثين ناجياً الذين بقوا على قيد الحياة ليرووا للأجيال مدى وحشية وقذارة جنود إمبراطورية الشر المسماه أمريكا .

( شن ) قالت في معرض وصفها للمجزرة : (( كان الجنود الأمريكان يعبثون بأرواحنا كما يعبث الطفل الصغير بالحشرات ))

الناجون رفعوا شكواهم إلى المحاكم الكورية المختصة للقصاص من قتلة أحبائهم ولكن القضاء الكوري عاجز عن القيام بواجبه لأن المجرمون في هذه القضية ليسوا ألماناً و لا صرباً وليسوا أفغاناً ، بل هم جنود أمريكا وبالتالي هم فوق القانون وفوق البشر وفوق ربهم لو أقتضى الأمر ... ولكنهم أبداً لن يفلتوا من عقاب الخالق الواحد القهار .

القيادة الأمريكية وكما هو متوقع نفت علمها بأية مجزرة في ( نو غن ري ) أو أي مكان آخر .

ومع ذلك شهود العيان من جنودهم المتقاعدين إعترفوا بإرتكابهم هذه المجزرة البشعة بناءاً على أوامر عليا .

القيادة الأمريكية حتى هذه اللحظة ترفض الإعتراف بالجريمة ( سيناريو أصبح معتاداً ومملاً ) لأنها كما سبق وأن قولنا ، .... أمريكا فوق القانون .

 

خطط المستقبل :

 

أمريكا وعقب حادثتي نيويورك وواشنطن إتخذت الكثير من القرارات الإرهابية بحق الكثير من البلاد ، إحداهن كانت كوريا الشمالية عندما تم تصنيفها إحدى ثلاث دول تشكل معاً ( محور الشر - Evil Axial ) بالإضافة إلى إيران والعراق .

 

هذه الخطوة متوقعة من أمريكا التي إستخدمت ضربتي نيويورك وواشنطن لتصفية حساباتها القديمة مع كل خصومها ، فالمتوقع أن تفرض أمريكا حصاراً إقتصادياً على كوريا الشمالية لإضعافها قبل أن تحرك جيوشها والتي يقدرها الخبراء بـ 50.000 جندي بالإضافة لقواتها الموجودة في القواعد اليابانية وفي القسم الجنوبي من شبه الجزيرة لإعادة غزو الشمال ( ملحوظة : حكومة كوريا الشمالية بدأت بالفعل مؤخراً في مواجهة مثل هذا الغزو بإصرارها على إعادة تشغيل مفاعلاتها النووية وإستنئاف برنامج تصنيعها العسكري )

الولايات المتحدة الأمريكية ترى بأن الكوريون لم يعانون بما فيه الكفاية خلال الخمسين سنة الماضية ، لذلك لا بد من إعادة عرض غزو كوريا مرة أخرى وعرض أفلام الكاوبوي الأمريكي هناك والمسمى ( نهاية الغوك )

 

جواتيمالا :

 

إحدى أصغر وأفقر بلدان العالم ، ليس لها جيش مخيف ولا أية أسلحة للدمار الشامل وغير الشامل كما أنها لا تطمح للعب دور إستراتيجي ( أو أي دور على الأطلاق ) على الصعيد الدولي .

ولكنها برغم ذلك كله لم تفلت من الإرهاب الأامريكي بسبب أنها كغيرها من دول أمريكا الوسطى والجنوبية تقع على مقربة من بلاد العم سام أو في المنطقة الخطر التي يعتبرها الأمريكيون حديقتهم الخلفية وبالتالي فلابد لشعب جواتيمالا من يُسام سوء العذاب ولا بد من أن يصطلوا بنيران الإرهاب الأمريكي .

 

في عام 1944 قامت ثورة وطنية ضد النظام الجواتيمالي الفاسد ونجحت في الإطاحة به ، وأقامت على أثره نظاماً وطنياً يهدف إلى الحرية والعدالة والرفاهية لجميع المواطنين .

وبالفعل نجحت الحكومة هناك في تحقيق الأمان لمواطنيها وإنشاء قاعدة إقتصادية مبشرة خلال العشر سنوات التالية .

هذا الأمر لم يعجب آلهة البيت الأبيض لأن الشركات الأمريكية ( مثل شركة الفواكه - Chiquita Bananas ) بدأت تستشعر مدى خطورة الإصلاحات الوطنية على مصالحها التي تهددت بشدة بقوانين الأراضي الذي صادق عليه الرئيس الجواتيمالي ( جاكوب اربينز - Jacob Arbenz ) .

لذلك تم إستدعاء إدارة القتلة المحترفين والتي يطلق عليها الأمريكان إسم ( وكالة الإستخبارات الأمريكية - Central Intelligence Agency ) أو بحروف الإختصار الــ CIA للقيام بمهمة قذرة ألا وهي تدبير إنقلاب عسكري في البلاد والإطاحة بالنظام الوطني المنتخب وإستبداله بآخر عميل وحليف ، وقد كان .

فما انقضى عام 1954 إلا واعتلى العسكر سدنة الحكم في البلاد وأعملوا القتل وسفك الدماء في رقاب الشعب البريء وتحولت جواتيمالا إلى مسلخ كبير يمارس فيه الإرهابيون الأمريكيون وأتباعهم من الزمرة الحاكمة شتى صنوف العذاب بحق شعب جواتيمالا .

الكاتب ( وليم بلوم - William Blum ) وفي كتابه (( الدولة المارقة : دليل إلى القوة الوحيدة في العالم )) يصف جواتيمالا مابعد الإنقلاب فيقول : (( الــ CIA قامت بتدبير الإنقلاب العسكري لتفتح الباب أمام 40 سنة من الحكم العسكري ومن القتل والتعذيب والإعتقال والإغتيالات وإختفاء الضحايا والإفناء الجماعي والوحشية الرهيبة التي خلفت ورائها أكثر من 200.000 قتيل .

أي بعبارة أخرى وبإختصار ، سبب الإنقلاب العسكري ( فتح صفحة دموية كريهة في سجلات تاريخ القرن العشرين ) هذه الصفحة السوداء لم تطوي بعد رغم مرور مايزيد عن 48 عام ، ورغم توقيع الحكومة الفاشية هناك إتفاقية سلام مع الثوار الوطنيين في عام 1996 ، تلك الإتفاقية التي خرقت من قبل العسكريين قبل حتى أن يجف مداد حبرها التي كتبت به ، لتستأنف ساقية الدم الدوران .

الرئيس بوش الإبن قال عقب أحداث نيويورك وواشنطن ( بأنه ليس هناك من ملجأ للإرهابيين - رغم إختلافنا معه في تحديد هوية الإرهابي - ولا ملجأ لمن يساعدهم أو يدعمهم ) في حين أننا نرى كيف يضم البيت الأبيض الأرهابيين ويحميهم بين جنباته !!

حكام جواتيمالا ( مثلهم مثل جميع القادة حلفاء أمريكا ) يحصلون على مساعدات عسكرية وإستشارات حربية وأموال دعم إقتصادية من أجل إبقاء دوامة الموت تعمل في البلاد ولمنع أي وطني من الوصول إلى كرسي الحكم .

الإرهاب الأمريكي في جواتيمالا دفع أحد الصحفيين الجواتيماليين ( خوليو - Julio ) للقول : (( هناك عبدة شيطان في البيت الأبيض والذين يصرون على تقديم القرابين إليه ، ولكنه على الأرجح يفضلهم من جواتيمالا .

في عام 1995 حكمت إحدى المحاكم الأمريكية على ( هيكتور جرمايو - Hector Garmajo ) - وزير الدفاع الأسبق في جواتيمالا وصاحب أسوأ سجل دموي بالنسبة لحقوق الإنسان - بدفع غرامة وقدرها 47.5 مليون دولار تعويضاً لتعذيبه لثمانية من الضحايا الجواتيماليين ةالأمريكان ( هؤلاء فقط هم من إستطاعوا رفع قضية ضد هذا الوحش وبالتأكيد عدد ضحاياه الفعلي يصل إلى الآلاف ) وقد دفع القاضي الذي تولى هذه القضية الحكم الذي أصدره بالقول : (( أن جرمايو ضالع بشكل كبير لا لبس فيه في إدارة وتوجيه عمليات تعذيب لا أخلاقية تجاه هؤلاء المدنيين )) .

( هيكتور جرمايو ) عاد إلى جواتيمالا بدون دفع أية تعويضات أو حتى الإكتراث بالحكم الصادر ضده وهو يعلم أن عبدة الشيطان القابعين في البيت الأبيض لن يبحثوا عنه أو يرسلوا قاذفاتهم لدك جبال جواتيمالا ( في حالة وجود جبال طبعاً ) كما تفعل في أفغانستان لأنه رجلهم وهم لم يكن ليفعل أي شيء دون الموافقة المسبقة من آلهة البيت الأبيض .

في معرض دفاعه عن نفسه عقب عودته الميمونة إلى جواتيمالا ( أرض الموت والدم ) يقول السفاح ( هيكتور جرمايو ) في عام 1982 أدخلنا إلى البلاد إصلاحات طالت 70% من الشعب في حين إننا قتلنا الــ 30% الباقيين ، بينما في السابق كنا نقتل 100% من الشعب )) .

لعمري إن هذا الصلف وتلك الوقاحة التي يتحدث بها هذا السفاح لتذكرنا بسياسة راعي البقر الأمريكي وكيفية تعامله مع النفس البشرية .

ولنضرب مثالاً على الوقاحة الأكريكية نفسها فأننا نورد نص ماقاله الرئيس الأمريكي الأسبق ( ومجرم الحرب الأبدي ) - رونالد ريجان - مادحاً الجنرال الدموي ( ريوس مونت - Rios Montt ) الذي قاد حملة إبادة بحق الفلاحين في جواتيمالا في عام 1982 والتي إستمرت لسبعة عشر شهراً وأدت إلى قتل مابين 10.000 إلى 20.000 مواطن وأجبرت 100.000 آخرين على الفرار إلى المكسيك ، يقول ( ريجان ) :

(( الرئيس ريوس مونت هو رجل ذو شخصية عظيمة وسليمة وهو صادق في تعهداته بحياة أفضل للجواتماليين)).

 

في النهاية نود التوضيح إلى أنه وحتى كتابة هذه الأسطر هناك الكثير من الآثام والجرائم التي ترتكب في جواتيمالا بعلم ودعم ومباركة إدارة الشر الأمريكية .

 

يتبع ...


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات