تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في الجزائر

 

 

 

تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في الجزائر عرفت الجزائر بداية العمل المسلح بعد إلغاء انتخابات 91-92 والتي أفرزت آنذاك عن فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بعدها دخلت البلاد في دوامة عنف لم تشهدها من قبل، حيث أدى الانسداد الحاصل وقتها إلى تبني خيار العمل المسلح، والذي قادته آنذاك الجماعة الإسلامية المسلحة التي نُسبت إليها العديد من المذابح والمجازر.

وبالعودة إلى التاريخ فإن بداية أول عمل إرهابي كان من ولاية الوادي ببلدية قمار تحديدا، عبر الحركة الإسلامية المسلحة و"هي النواة الإرهابية التي انشطرت إلى الجيش الإسلامي للإنقاذ (AIS) والجماعة الإسلامية المسلحة (GIA)، في شكل عكس الصراع في الرؤى داخل تلك الجماعات الإرهابية نفسها تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في الجزائر حماة الدعوة السلفية»، هو تنظيم وُلد من رحم الجماعة الإسلامية المسلحة، وهي جماعة إرهابية تحمل السلاح، نشأت فى 1992 في الجزائر، وكانت تخطط للإطاحة بالسلطة الجزائرية لتحقيق حلمها المزعوم بإقامة إمارة إسلامية تطبق شرع الله، وقد ازداد عنف الجماعة الإسلامية بعد إلغاء نتائج الدورة الأولى من الانتخابات البرلمانية في ديسمبر 1991، والتي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية.

برز تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في عام 1997 غرب الجزائر، وكان يحمل اسم "كتيبة الأهوال" وقتذاك، قبل أن يغير اسمه إلى "حماة الدعوة السلفية"، ويبدو أنه ظهر في أعقاب حملة الانشقاقات التي شهدتها صفوف تنظيم "الجماعة الإسلامية"، بقيادة جهادي يُدعى سليم الأفغاني، رغم أن اسمه الحقيقي محمد بن سليم. ورُغم أن التنظيم أظهر في بعض أوقاته رفضه الشرعي للعمليات الانتحارية التي يقوم بها تنظيم "القاعدة"، إلى جانب تشديد التعليمات على أتباعه بعدم اللجوء الى الاختطافات مقابل طلب فدية، أعلن التنظيم في 23 ديسمبر 2013 في رسالة مسجلة بالصوت والصورة الانضمام إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وتنظيم "حماة الدعوة السلفية"، كان يُعرف بـ"جماعة حماية التعاليم السلفية" و"حماة التوحيد السلفي" و"جماعة مؤيدي الاتجاه السلفي"، وهو تنظيم جهادي ينشط في محافظات غرب الجزائر، ويتركز في محافظات (تيبازة وعين الدفلى). النشأة والتأسيس مؤسس الجماعة هو الأمير أبو عبد الرحيم بخالد النجدي، المعروف بـ(قادة بن شيحة)، وأن تسميته بـ"النجدي" ليست إلى نجد الحجاز، وإنما لاهتمامه بدعوة التوحيد النجدية . ويعود أصل التنظيم إلى "كتيبة الأهوال السلفية" التي انبثقت من (كتيبة التوحيد) أول كتيبة نشأت بمدينة (س. بلعباس)، وهي أول كتيبة تكونت في المنطقة قبل الانضمام إلى الجماعة الإسلامية المسلحة، إلا أن منشأ الجماعة الرسمي يعتبر في 1995 رسمياً بعد خروج قادة سرية الأهوال على الجماعة الإسلامية المسلحة بسبب ما اعتبروه وقت ذاك، ضلال منها على دعوة أهل الحق، وكانت تضم وقتها نحو 150 مقاتلاً، وبدأت تتوالى الانشقاقات عن الجماعة لحاقاً.

أمريكا تفرض عقوبات على التنظيم

وفي أول رد فعل غربي على ممارسات التنظيم الإرهابي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على الجماعة، في عام 2003، بعد اتهامها بالارتباط بتنظيم القاعدة، ومبايعة زعيمها السابق أسامة بن لادن. البيت الأبيض قال وقت ذاك: "جماعة حماة الدعوة السلفية منظمة بشكل جيد ومزودة بالمعدات العسكرية وتقوم بنشاطات إرهابية في الجزائر وخارجها"، وأوضح البيت الأبيض أن هذه المنظمة مسئولة عن عدد من عمليات القتل في منتصف التسعينات وأنها كثفت هجماتها في السنوات الأخيرة الماضية. من جانبه، حاول التنظيم مرارً ان ينفي علاقته وانضمامه إلى “الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، الذي يتزعمها المدعو عبد المالك درودكال، بعد انضوائها تحت لواء "القاعدة"، وأكد التنظيم في بيان له أنها‮ لم‮ تنضم‮ لأية‮ جماعة‮ أخرى‮ بعد‮ انفصالها‮ عن‮ الجماعة‮ الإسلامية‮ المسلحة‮ التي‮ وصفتها‮ بالضالة‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

وأشارت تقارير أمنية إلى أن تنظيم حماة الدعوة السلفية، لم يعد له أثر كبير في الأعمال المسلحة منذ سنوات طويلة، بسبب فقدانه أبرز عناصره على أيدي قوات الأمن ومغادرة الكثير من المسلحين صفوفه، مستفيدين من إجراءات عفو رئاسي ، تمت عامي 1995 و2000 . ويعتقد أن مؤسسه سليم الأفغاني المنحدر من مدينة سيدي بلعباس (440 كم غرب الجزائر) قتل في السنوات الأخيرة، وخلفه في قيادة العمليات في الشريط الحدودي أمير سابق يدعى جمال قرقابو ويكّنى بـ"جمال أبو داوود" لكن قُتل بدوره قبل نحو عام وعُثر على جثته مدفونة في جبل العصفور.

فتوى الأفغاني بحرمة العمليات الانتحارية:

كان عدد من المواقع المهتمة بنشر أخبار الجماعات الجهادية، قد تداولت فتوى للأفغاني، في 2008 ولا تزال تصنع عدة "اهتزازات" تبرأ فيها من العمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين، وشدد فيها على أن "التفجيرات التي تقع في الأماكن العامة ويتبناها تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال؛ "بحجة قتل طاغوت من الطواغيت كبير أو صغير أو قتل كافر فيها تعَد اعتداء على حرمة دماء المسلمين المعصومة، وعبث واضح بأرواحهم ونفوسهم التي حرم الله قتلها إلا بالحق في آيات عديدة وأحاديث كثيرة وتلفت (الفتوى) إلى أن "أغلب هذه التفجيرات يذهب ضحيتها مدنيون من الشعب الجزائري المسلم، وأن هذه التفجيرات ليس لها جدوى عسكرية"، وهو ما ترفضه جماعة "حماة السلفية" وهي ثاني أكبر تنظيم مسلح والتي تقول إن عملياتها المسلحة تستهدف فقط الجيش وقوات الشرطة والحرس البلدي. وعلى الرغم من تلك الفتوى إلا أن التنظيم ذاته أباح دماء قوات (الأمن) من الرجال والنساء، بحجة أنهم طواغيت يجب قتلهم.

"حماة الدعوة السلفية" يعلن انضمامه لـ"القاعدة":

وفي خطوة وصفها الكثير من خبراء الحركات الأصولية بـ"الغريبة"، أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في أواخر ديسمبر 2013، انضمام جماعة "حماة الدعوة السلفية"، لصفوف التنظيم، وقال بيان للتنظيم نشرته مواقع جهادية "قرر إخواننا في جماعة حماة الدعوة السلفية الجزائرية، الانضمام لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لتكون في المغرب كله جماعة واحدة لا تفرق فيها ولا تعدد".

ويبدو أن الأسباب الحقيقية التي دفعت التنظيم إلى ذلك هو ضعف التنظيم وقلة موارده، وأن إعلان الانضمام محاولة إلى إنعاش التنظيم قبل اندثاره، خاصة أن فتوى سليم الأفغاني زعيم التنظيم قبل ذاك كانت تحرم العمليات الانتحارية التي يتبناها تنظيم "الدعوة السلفية للدعوة والقتال" المعبر عن تنظيم "القاعدة" إلا أن التنظيم انقلب وأعلن انضمامه للقاعدة ويرى بعض خبراء الإسلام الحركي أن سبب انضمام الجماعة لتنظيم القاعدة هو بحثها عن مصدر تمويل، وتعرف القاعدة بانتعاشها المادي نظرًا لسرقتها مقدرات الشعب الأفغاني منذ عقود.

وأضاف البيان: "وإذ نزف هذه البشرى لأهل الجهاد وأنصاره في المغرب الاسلامي وسائر ساحات الجهاد المباركة، ولعامة المسلمين، نؤكد للعاملين في ساحة الدعوة والقتال أهمية الاجتماع لإقامة دين الله تعالى، ووجوب نبذ الحزبية والعصبية للكيانات إيثارا للمصلحة العامة الجامعة". وعن سبب لجوء التنظيمين إلى الوحدة قال یعض الخبراء أن تنظيم القاعدة يريد إظهار أنه تنظيم دولي يسعى لضم عناصر جديدة بسبب النزيف الداخلي الذي يشهده في الآونة الأخيرة بعد جملة المبايعات لتنظيم (الدولة الإسلامية). وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي كان قبل عام 2007 يسمى ‘الجماعة السلفية للدعوة والقتال’ قبل الانضمام للتنظيم العالمي .

المرتكزات الفكرية للتنظيم:

یعتبر التنظیم أن القرآن هوالمصدر الرئيس الذي يستقي منه علومه الشرعية، وأن الجهاد في سبيل الله وفق ما قاله النبي محمد (ص)، اعتماداً على النص القرآني: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) ويعتبرون أن الفتنة هي الشرك والكفر الاستمرار في القتال حتى يحكم الاسلام في بلاد الجزائر عدم تفرقة التنظيم بين ما يسميه البعض بشرك القصور وشرك القبور.

الاعتماد على الأفكار السلفية في أحكام التكفير والرد على الشبهات رفض ما يسمى بالدساتير أو المواثيق، والاعتماد على كتاب الله كمصدر أساسي للتشريع، الكفر هو السبب الرئيس لشقاء الجزائر، حيث القوانين الوضعية التي تخالف شرع الله الانتقادات الموجهة للتنظيم وجهت العديد من الفصائل السلفية خاصة "السلفية العليمة" انتقاداتها، لتنظيم "حماة الدعوة السلفية" بأنها: تخالف ما يسمونه الدعوة السلفية النقية، في أصول مهمة وقواعد شرعية وأصولية عميقة، كأبواب الجهاد والاحتساب والسياسة الشرعية وكثير من الأبواب المفصلية في العقيدة والفقه.

اللجوء إلى العنف

كمنهج في التغيير، كونه تنظيم مسلح ينسب نفسه إلى التيار الجهادي. تزكيته استهداف قوات الجيش والشرطة مستقبل التنظيم وتؤكد جميع المؤشرات أن التنظيم في طريقه إلى التفكيك، كونه بات أقل عددًا من الناحية التنظيمية بسبب الضربات الأمنية من جهة، وهجرة العديد من كوادر التنظيم من جهة أخرى.

وقالت إن معلومات أفادت أن أحوال التنظيم الإرهابي "حماة الدعوة السلفية" أن حرب زعامة التنظيم الذي يقوده حالياً مكي عبد القادر، قد وصلت إلى نهايتها لتفكك كامل "هياكل" التنظيم وتفرق عناصره ومقتل عدد كبير منهم ويعيش تنظيم "حماة الدعوة السلفية"، وهو ثاني تنظيم إرهابي نشط في الجزائر (ينشط في الغرب)، صراعات داخلية كبيرة، أولا بسبب إقدام عناصر من التنظيم على تسليم أنفسهم للسلطات بعد اقتناعهم بـ"الفتوى" التي أصدرها مؤخرًا أمير جماعة "حماة الدعوة السلفية" أبو جعفر السلفي الشهير بسليم الأفغاني واسمه الحقيقي محمد بن سليم ( شارك في حرب أفغانستان كما تدل كنيته)، وتفيد مصادر أن "الأفغاني" نفسه أعلن نيته تطليق السلاح على خلفية "حرب زعامة" تجتاح تنظيمه. ما يعزز فكرة اندثار وانقراض التنظيم هو، عدم رصد أي نشاط منذ سنوات طويلة للتنظيم، وهو ما برره خبراء الحركات الأصولية بأنه يعود إلى قلة عدد أفراده وإمكاناته المتواضعة.

كما يبرر التنظيم جرائمه البشعة بحجة القتال في سبيل الله لنشر الدعوة الإسلامية، وتطبيق الحكم بها، مع اعتقاده بوجوب الحرب على الحكام وعدم إقامة الهدنة معهم، وذلك مثلما رفضت الانصياع لمساعي المصالحة الوطنية التي قادها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في 2006، وهو يشبه في ذلك المعتقدات السامة التي نشرها «الظواهرى»- زعيم تنظيم القاعدة- في كتابه «فرسان تحت راية النبي»، والتي استقاها من المنظر الأول لجماعة الإخوان، سيد قطب، وكانوا يعتقدون أيضًا بوجوب الحرب على الحاكم لفساد عقيدته. منهج تكفيري تعتمد «حماة الدعوة السلفية» المنهج التكفيري الذي يُشتهر به التيار السلفي، فهي تكفر الحكام والساسة وغيرهم ممن يختلفون معها، ويتجلى ذلك في مباركتها لاستهداف قوات الجيش والشرطة. وباعتبار الجماعات الإرهابية لا تنتصر في الغالب لشريعة أو معتقد إنما لمنطق الغاب والأقوى، فقد انسلخت الجماعة مرة ثالثة، وأعلنت الولاء لتنظيم «داعش»، وهو ما يفسر تحولها إلى انتهاج الوحشية، وتدنيس المساجد، وبعد أن كانت تلوم عنف «القاعدة»، انضمت للأعنف على الإطلاق. وبالنظر إلى تاريخ «حماة الدعوة السلفية» نجد أنه جعل أفكاره تمامًا تتماشى مع الجماعة الإسلامية في البداية، ثم بدافع العوز انضم للـ«قاعدة» التي انتقد فكرها ثم انضوى تحت وحشية «داعش» عندما اقتضت مجريات الأمور.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اكثر الاخبار قراءة

Error: No articles to display