عملیات مهندسی التعذیبیة ومجاهدي خلق

 

انتشرت الجماعات الإرهابية في التاريخ المعاصر لإيران وتمیزت أغلبها بمیولها للأيديولوجيات اليسارية والماركسية وبإتصافها بالعنف والخشونة والقساوة ضد خصومها وحتى أعضائها بسبب طبيعتها الوجودية ومتطلباتها للحفاظ على التنظيم. ومنظمة مجاهدي خلق إحدی هذه الجماعات الإرهابیة التي ارتکبت العديد من الجرائم الوحشیة الي یصعب وصفها وتصدیقها . وبدأ العنف بصدامات جسدية خلال المسيرات وتصاعد إلى تهديدات واغتيالات وتعذيب وحشي وصل إلی حد الموت .

أعلنت جماعة مجاهدي خلق الإرهابية ، التي فشلت في المشاركة في العملية الديمقراطية في البلاد حملها السلاح في حزيران / يونيو 1981 وأصدرت بيانًا سياسيًا - عسكريًا ضد الشعب والنظام الإسلامي في إيران. في بدبایة الأمر أخفیت المنظمة حقیقتها الإرهابیة لجذب شرائح المجتمع المختلفة لتنظیمها لکن سرعان ماکشفت عن حقیقتها بعد فشلها في إستقطاب الناس فکان صيف عام 1960 مؤسفًا جدًا للأمة الإيرانية بعد إنتشارالعملیات الإرهابية. كان اغتیال الناس إجراءً طبيعياً منسجماً مع التركيبة الداخلية للمنافقين ، وتوسعت وتكثفت عملیات الإغتیال بسبب الأوضاع التي تعرضت لها المنظمة .

مع سيطرة القوات الأمنية على التنظيم الإرهابي للمنافقين ، تم الکشف عن العديد من منازل المنظمة وأوکارها . أدى تدمير منزل فريق موسى خياباني ، الشخص الثاني في المنظمة ، في فبراير 1960 و ضربات مايو وأغسطس 1961 ، إلى قيام المنافقين ، الذين كانوا يائسين بسبب الهزائم المتتالية لهم بتنفيذ أعمال مروعة ربما لم یوجد مثیلها تاريخ البشرية إلی أن ظهرت داعش .

كانت "عملیات مهندسی" التي سماها المنافقون إسم لأعمال تعذيبیة ووحشية للغاية ولا يمكن تصديقها حتى أن التنظيم نفسه حاول التنصل من مسؤولیة تنفیذها بشكل تعسفي ونسبها إلى قلة من المؤيدين .

لکن بعد العثور علی وثائق ومستندات تثبت مسؤولیة المنظمة ومن خلال استعراض أعمال العنف والإرهاب التي قامت بها المنافقون قبل وبعد "عملیات مهندسی " واعترافات المتورطين ، فإنه لا یمکن للمنظمة إنکار مافعلته من جرائم وحشیة وهمجیة . توصلت المنظمة بعد تلقيها ضربات مروعة من القوى الأمنية في النصف الأول من عام 1982 ، إلى استنتاج مفاده أن مشكلتهم كانت أكثر في مجال المخابرات ، وسبب الضرر الكبير هو عدم قدرة التنظيم على شن حرب استخباراتية ضد القوات العاملة. لذلك ولمواجهة القدرة الاستخباراتية لقوات الأمن ، تم تنفيذ خطة في تنظيم المنافقين أطلق عليها اسم "عملیات مهندسی". وبحسب هذه الخطة ، فإن كل من يشتبه بصلته بمنازل فريق المنافقين والاشتباكات التي وقعت ، يجب القبض عليه واستجوابه ومنعه من تسريب المعلومات. ولم تقتصر الاعتقالات على العسكريين ، بل طال الأمر المدنيون العزل ووصل إلی بعض أعضاء التنظيم للاشتباه في تعاونهم مع النظام الحاكم.

كتب علي أكبر راستجو ، وهو عضو سابق في المنافقين في كتابه عن كيفية التخطیط لعملیات هندسي : بعد الضربات الشدیدة التي وُجهت للمنظمة في أوائل عام 1981 وکشف العديد من أوکار وخلایا المنظمة ، أمرت المنظمة باختطاف المشتبه بهم الذين تواجدوا بالقرب من أوکار المنظمة ثم تعذیبهم للحصول على المعلومات. هذه العملية الجدیدة سمتها المنظمة "عملیات مهندسی ".

بهرام (مهران أصداقي) ، أحد قادة مرتكبي الاختطاف والتعذيب والذي أطلق عليه المنافقون أيضًا القائد العسكري الأول لطهران ، قال أن سبب تشكيل عملیات مهندسی : في هجوم 12 مايوتم کشف العدید من أوکار المنظمة وقتل في هذه الاشتباكات العديد من الأشخاص من مركز التنظيم . لم نكن نعرف من أین تلقینا هذه الضربات ! أبلغتنا المنظمة أنه من الآن فصاعدًا ، سيعتبر أي شخص مشبوه تراه حول المنازل عدواً . عليك إلقاء القبض عليه واستجوابه وتعذيبه لمعرفة كيف اكتشفوا مکاننا وماهي المعلومات التي لديهم عنا. وقرر التنظيم شن "عملية عكسية" ضد الإجراءات الاستخباراتية الجديدة للنظام ، وألقيت المسؤولية على وحدتين عسكريتين خاصتين من التنظيم المنافق.

وخلصت المنظمة إلى أن هناك نظام استخباراتي قوي وراء النظام ، يعرف باسم عبد الله. عبد الله بيام هو الرمز اللاسلكي لقوات اللجنة الثورية الإسلامية.

عملیات وحشیة

خلال تنفیذ مجاهدي خلق لعملیات مهندسی التي استمرت نحو عشرة أيام ، تم اختطاف ستة أشخاص وتعذيبهم من قبل المنافقين کان ثلاثة منهم أعضاء في اللجنة الثورية الإسلامية ، ومدنيان أحدهما مدرس والآخر صانع أحذية ، بالإضافة إلى أحد أعضاء المنظمة المشتبه به. عباس عفت روش ، صانع أحذية محلي تم اختطافه من أمام محله بتاريخ 8/8/ 1982م للاشتباه في تعاونه مع قوات الحکومة الإسلامیة وتم اقتياده إلى منزل آمن للمنافقين في شارع بهار ، كان قد تم تجهيزه للتعذيب. ب

عد الكثير من التعذيب ، أدرك المنافقون في اليوم الأول أنه لم يكن على علم بكل شيء ، لكنه تعرض للتعذيب لعدة أيام حتى استشهد.

شاهرخ طهماسبي ، عضو اللجنة المركزية للثورة الإسلامية ، هو شخص آخر اختطفه المنافقون واستشهد بعد عشرة أيام من التعذيب الشديد. تم اصطحابه لأول مرة إلى وکر المنظمة في شارع سهروردي ، ولكن عندما کُشف هذا المکان أخذه المنافقون إلى وکر آخر في شارع خواجه نظام للتعذيب واستشهد هناك.

طالب طاهري (16 عامًا) ، ومحسن مير جليلي (25 عامًا) ، عضوان باللجنة الثورية الإسلامية ، هما حارسان اشتبهت بهما المنظمة واختطفتهما وعذبتهما لدرجة الموت واستشهدا في النهاية. کانت قوات اللجنة الثوریة تراقب منزلا في شارع كارون في طهران متورط في توزيع المخدرات.

كان هناك وکر للمنظمة أيضًا في شارع كارون. كان مهدي كتيرايي وحسين أبريشمجي ، وشك جواد محمدي (طاهر) المسؤول عن حراسة المنزل عندما رأى الحارسين واقتادهما إلى منزل في شارع بهار ، كان قد أعد بالفعل للتعذيب. مع بدء التعذيب ، اتضح أن طاهري وميرجليلي لم یکن يراقبا مقر التنظيم. لكن جريمتهما الکبری في رأي المنافقين كانت العضوية في الحرس الثوري.

وفي النهایة تم استبدال عملیة الحصول علی المعلومات بجریمة الإنتقام . استشهد هذان الشخصان بعد أيام قليلة من التعذيب في 8/8/1982م ودفنهما المنافقون .

على الرغم من أن الوحدة العسكرية الخاصة بالتنظيم بذلت قصارى جهدها لإخفاء عملیات مهندسی التعذیبیة عن الأنظار وحتى أعضاء ومسؤولي الإدارات الأخرى لم يتم إبلاغهم بها ، إلا أن فك خط التعذيب وفضح عملیات مهندسی لم يستغرق أكثر من ثلاثة أيام .

في 13 أغسطس 1982 ، بعد سرقة دراجة نارية لشخص عادي وإطلاق النار عليه ، نجح المارة في اعتقال خسرو زندي ومنع انتحاره بأقراص السيانيد. تم اعتبار خسرو زندي العقل المدبر لعملیات مهندسی لأنه في اليوم الأول بعد اعتقاله تم الكشف عن خط التعذيب في التنظيم وجرائم الوحدة الخاصة.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اكثر المقالات قراءة

Error: No articles to display