أنصار التوحيد

 

بدأت الجماعات الإرهابية في سوريا، تغير جلدها وفقا للسياسة التركية القطرية الداعمة للجماعات الارهابية في سوريا حيث أعلن التنظيم في بيان له أن التنظيم مستقل لا تربطه بيعة أو تبعية لأي تنظيم آخر بشكل سري أو علني. وأنصار التوحيد هو فصيلٌ مشكلٌ من بقايا جند الأقصى الذي قامت فصائل فيي المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام بتفكيكه، ولم يبقَ منه سوى لواء الأقصى الذي بايع فيما بعدُ تنظيم الدولة الإسلامية.

وكان تنظيم "أنصار التوحيد" دخل مع عدة تشكيلات أبرزها "تنظيم حراس الدين"، و"جبهة أنصار الدين"، و"جماعة أنصار الإسلام" ضمن غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" في أكتوبر من العام 2018 حيث عملت تلك الغرفة على تنفيذ عمليات تسلل وتوجيه ضربات موجعة لقوات النظام لاسيما في جبال الساحل السوري وسهل الغاب .

من هو أنصار التوحيد؟

يعتبر فصيل “أنصار التوحيد” امتدادًا لفصيل “جند الأقصى“، الذي أُسس منتصف عام 2012، على يد “أبو عبد العزيز القطري”، الذي لقي مصرعه في ظروف غامضة عام 2014، ووجدت جثته في بلدة دير سنبل، قرب مقر “جبهة ثوار سوريا” (المنحلة)، واتُّهم جمال معروف قائد الجبهة بتصفيته. جند الأقصى” أو “أنصار التوحيد” هو تنظيم جهادي لا يختلف عن أدبيات تنظيم “القاعدة”، المنتمي إليها فكرياً وعقائدياً، فقد ولد من جذور ذاك المتشددة، ويتبنى دعوات القاعدة لـ “الجهاد العالمي”، ولا يكفّ عن تكفير واتهام كل من يخالفه بالرأي، بالانزياح عن تعاليم التوحيد.

ومع هذا يحرص “أنصار التوحيد” أن يكون له هويته المستقلة ضمن خارطة التنظيمات الإرهابية الساعية للسيطرة على أي حيز جغرافي أو منطقة مدمّرة داخل سوريا، ليبني على أنقاضها أوهام دولة الخلافة. ويتراوح تعداد التشكيل الجديد قرابة 300 مقاتل، وينتشر التنظيم في كل من سرمين والنيرب وجبال اللاذقية .

اعتمدت قيادة “أنصار التوحيد”، في بداية التشكيل على جمع العناصر السابقين من “جند الأقصى”، منهم من كان قد اتخذ الحياد خلال حرب جند الأقصى و”هيئة تحرير الشام” (هتش) –جبهة النصرة سابقا بقيادة الإرهابي أبو محمد الجولاني، المدعوم من قطر وتركيا ومنهم من كان قد بايع تنظيم “هتش” والحزب “الإسلامي التركستاني” أحد ابرز الجماعات الارهابية الموالية لتركيا في سوريا .

النشأة والظهور:

أواخر عام 2013 أعلن "أبو بكر البغدادي" تمدد التنظيم ليصبح "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بدل "الدولة الإسلامية في العراق"، فرفض حينها "الجولاني"، هذا القرار الذي يعني ضم جبهة النصرة لتنظيم الدولة، وحصل الشقاق بينهما، حينها انشق العشرات من العناصر التابعين لجبهة النصرة رافضين الاقتتال الحاصل، وشكّلوا تنظيمًا تحت مسمّى "سرايا القدس"، ثم تحوّل الاسم إلى "جند الأقصى".

التوجه الأيدلوجي:

لا يختلف تنظيم جند الأقصى في توجهه وأدبياته عن منهج التنظيم الأم "القاعدة"، المنتمي فكرياً للسلفية الجهادية، القائمة في غالب منهجها على تكفير الحكّام، واتهامها لكل من خالفها من الجماعات الإسلامية بالتمييع والانحراف عن "التوحيد الصحيح"، واحتكار الحق في جماعتها فقط، ورفع شعارات تحكيم الشريعة، ودعواتها للجهاد العالمي[ 1 ].

اعتمد التنظيم في بنيته وتشكيله أساسًا على المقاتلين غير السوريين ممن يُسمون "المهاجرين" الذين قدموا إلى سورية من بلدان عربية أو أوروبية، ويوصف بعضهم بأنهم متميزون بخبرات قتالية نوعية، ومتمرسون على العمليات الأمنية. يعتبر المدعو “محمد يوسف عثمان العثامنة”، الملقب بـ”أبو عبد العزيز القطري” وهو فلسطيني من مواليد العراق، المؤسس الأول لتنظيم “جند الأقصى”، حيث كانت له صلات وثيقة بزعماء تنظيم القاعدة في أفغانستان، وعندما عاد إلى العراق انضم إلى صفوف تنظيم “دولة العراق الإسلامية”.

وفي مطلع عام 2012 دخل إلى سوريا برفقة الجولاني وآخرين لتأسيس فرع للتنظيم في سوريا بعد مقتل القطري، آلت قيادة التنظيم للمدعو “عمار الجعبور” الملقب بـ “أبي مصعب”، وقُتل بعد فترة في معارك ريف إدلب ضد قوات الجيش السوري، فتولى القيادة بشكل فعلي المدعو “أبو ذر النجدي الحارثي” ويلقب أيضاً بـ “الجزراوي”، في حين كان القائد المسمى للحركة هو “أيمن قدحنون” الملقب “أبو دياب سرمين”، وهو سوري الجنسية.

لم تَدُم قيادة "القطري" لتنظيم جند الأقصى طويلاً، حيث فُقد في ظروف غامضة في السابع من كانون ثاني /ينايرناير 2014، ثم أعلن التنظيم في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عثوره على جثة أميره ومؤسسه "أبو عبد العزيز القطري" في بئر تسمى "جب كوكبة" على عمق 33 مترًا، بمنطقة دير سنبل (جبل الزاوية) في محافظة إدلب شمالي سوريا.

وقد اعترف جمال معروف قائد "جبهة ثوار سوريا" بمقتل القطري على يد أحد عناصره، كما جاء في شهادة د. حذيفة عزام وبعد مقتل القطري، استلم قيادة التنظيم عمار الجعبور، أبو مصعب، الذي قُتل بعد فترة في معارك ريف إدلب مع النظام، لتؤول قيادة التنظيم الفعلية لأبي ذر النجدي الحارثي أو الجزراوي في حين أن القائد المسمى للحركة هو "أيمن قدحنون" الملقب أبو دياب سرمين، وهو سوري الجنسية. 

قوة أنصار التوحيد:

يبلغ عدد عناصر أنصار التوحيد اليوم بين 600 و800 مقاتل، أكثرهم من المقاتلين السوريين الذين تركوا تحرير الشام لأسباب شتّى منها تغيير الهيئة لنهجها على نحو يرى فيه كثيرون نكوصاً عن الجهادية، بالإضافة إلى أسباب إدارية تتعلق بالسلاح والغنائم. كما أن كثيرين منهم يأخذون على تحرير الشام سياسة إقصاء الفصائل الأخرى ومحاربتها، بما فيها فصائل الجيش الحر.

وامتلك “أنصار التوحيد” كميات من السلاح، بينها مدافع هاون ومضادات طيران مختلفة القياسات وبعض الآليات المدرعة، وقام التشكيل ببعض العمليات العسكرية بعد تشكيله مباشرة قبل عام، منها استهداف بلدتي كفريا والفوعة بقذائف الهاون ضمن عملية مشتركة مع تنظيم “هتش”.

واتجهت مساعي التنظيم في حينها إلى كسب أكبر قدر من الحاضنة الشعبية في محافظة إدلب، لكن نتائج تلك المساعي كانت تدل على عكس ذلك نتيجة نفور المجتمعات المحلية من التشكيل الجديد، خاصة لمعرفتهم بأنه ستار يختبئ ورائه جند الأقصى، التنظيم الذي ارتكب انتهاكات واسعة بحق السوريين. تنظيم إرهابي تجدر الإشارة إلى أن جند الأقصى تم تصنيفه ضمن لوائح التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

عودة مسمى “أنصار التوحيد” (الوجه الجديد لجند الأقصى) لواجهة الأحداث في إدلب يعتبر من أهم المبررات التي يستخدمها النظام وروسيا في القصف الممنهج على بلدات ريف إدلب وجبال اللاذقية، والتي راح ضحيتها حتى الآن المئات من المدنيين، دون أن تلحق الكثير من الخسائر في صفوف تلك الجماعات الجهادية.

وفي أغسطس 2019 استهدفت القوات الأمريكية معسكر لـ“أنصار التوحيد” في بلدة كفريا بمحافظة إدلب.

لماذا أنصار التوحيد؟

ويرى مراقبون أن اعلان استقلال تنظيم أنصار التوحيد، يشكل إعادة ترتيب الاوراق للجماعات الارهابية المرتبطة بقطر وتركيا في سوريا. واوضح المراقبون انه سيوكل للتنظيم الارهابي، عمليات ارهابية في مناطق ادلب خاصة بعد الاتفاق الروسي التركي، وهو ما يعني صناعة جماعات ارهابية تدار من قبل أنقرة والدوحة بصورة سرية، دون الاعلان عن أي مسؤولية لتركيا وقطر عن هذه الجماعات كما تحدد اتفاقية “سوتشي” الموقعة بين الرئيسين التركي والروسي، رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين، في سبتمبر 2018م.

ولفت المراقبون، إلى انه قد تكون "أنصار التوحيد"، البديل الجاهز من قبل تركيا وقطر لـ"هيئة تحرير الشام" بقيادة الجولاني، في ظل مسارات التحول في الأزمة السورية. في خضم الأحداث الجسام التي تمر ببلاد الشام، ظهرت بين الفصائل المقاوِمة المجاهِدة فصائلُ خبيثة، تجلببت بجلباب الإسلام، وادّعت المقاومة والجهاد، لكنّها صالت على الثوار والمجاهدين، واعتدت على السكّان الآمنين، ولم ينكشف زيفهم ويُفتضح حالهم للكثيرين إلا بعد ولوغهم في الإجرام والأذى، كان منهم تنظيم الدولة "داعش"، وليس آخرهم تنظيم "جند الأقصى" موضوع هذا البحث.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اکثر الوثائق قراءة

Error: No articles to display