أزمة کورونا والاقتصاد العالمي

 

 

 

 

يبذل قادة العالم اليوم،قصاری جهدهم لتجاوز أزمة وباء كوفيد-19، الذي تجاوزت حصيلة وفياته الـ90 ألف شخص والذي يهدد العالم بانهيار اقتصادي غير مسبوق وفي حين يخضع نصف سكان العالم للحجر، أشارت منظمة التجارة العالمية إلى توقف "قطاعات كاملة" من الاقتصاد العالمي، فيما حذّرت منظمة "أوكسفام" الخيرية من أنّ نصف مليار إنسان إضافي في العالم قد يصبحون تحت خط الفقر. تمثل الأزمة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن أبرز مثال على الهزة الاقتصادية والاجتماعية المزلزلة الناجمة عن تفشي جائحة كورونا. فقد أنشئ الاتحاد الأوروبي من أجل إدارة الأزمات الخطيرة على شاكلة الوباء الحالي، بسلاسة من خلال التعاون الدولي والتنسيق في مجال الصحة العامة والتخفيف من تبعات تلك الأزمات الاقتصادية وضمان انطلاق سلس للدول الأعضاء بعد التغلب عليها. ولكن ما يحدث الآن مخالف لذلك، حيث غابت روح الاتحاد فأغلقت الحدود بين الدول الأوروبية وتركت كل دولة لتواجه الوباء الفتاك بمفردها، ولم يسير الاتحاد الإمدادات الطبية الأساسية للدول الأعضاء الأكثر تضررا و كشف فیروس کوورنا مواطن ضعف الاتحاد الأوروبي وأوهام فدراليته المزعومة، وأن الاتحاد شأنه شأن الكثير من قطاعات التجارة الأوروبية، لن يعود أبدا إلى سابق عهده حتى بعد انحسار الوباء. حیث عجز الاتحاد الأوروبي عن معالجة التداعيات الاقتصادية للوباء.

ویبدو أن أکثر دول الاتحاد تضررا جراء تفشي كورونا، هي إيطاليا وإسبانيا، التي قد تلجأ إلى طلب معونات ضخمة من البنك المركزي الأوروبي لفك الضائقة المالية الشديدة التي تعاني منها، الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض حاد في قيمة العملة وتفكيك منطقة اليورو في حال استجابة البنك لتلك المطالب، كما قد يؤدي رفض البنك لها إلى تدمير الاتحاد الأوروبي، بسبب شعور الدول الأكثر فقرا بأن ذلك يقوض مبدأ الاتحاد. لقد دخلت الحكومات في شتى أنحاء العالم، سباقا للتفوق على بعضها في جهود إغلاق مرافقها الاقتصادية سعيا منها لحماية خدمات القطاع الصحي، ولكنها مع مرور الوقت تحول انتباهها إلى الأضرار الاقتصادية المترتبة على الإغلاق شبه الكامل لقطاعات الاقتصاد الحيوية.

وسعت الولايات المتحدة الأميركية للتخفيف من الوطأة الاقتصادية للأزمة من خلال إعلان الكونغرس حزمة مساعدات ضخمة بقيمة تريليوني دولار، ولكن أميركا لديها الآن ستة ملايين عاطل عن العمل معظمهم من أنصار الرئيس دونالد ترامب. وقامت بلدان عدة حول العالم بإجراءات مالية تصل إلى نحو ٨ تريليونات دولار للتصدي لجائحة انتشار فيروس كوفيد-19 وفقا للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا. وبات من الواضح أن النمو العالمي سيتحول إلى معدلات سالبة حادة في عام 2020 بحسب قولها، وأضافت غورغييفا أن الاحتمالات التي كان يتوقعها الصندوق انقلبت رأسا على عقب، فقبل 3 أشهر فقط توقع أن تكون معدلات النمو موجبة لدخل الفرد خلال العام الجاري في أكثر من ١٦٠ من البلدان الأعضاء، إلا أن التوقعات أصبحت تتجه نحو تسجيل معدلات نمو سالبة لدخل الفرد في أكثر من 170 بلدا عضوا في الصندوق الدولي هذا العام.

وأشارت المديرة إلى أن هذا ينطبق بشكل خاص على تجارة التجزئة والضيافة والنقل والسياحة، حيث إن أغلبية العمالة في معظم البلدان إما تعمل لحسابها الخاص أو في مشروعات صغيرة ومتوسطة ما يجعل هذه العمالة هي الأكثر عرضة للخطر وعلى الحكومات أن تدرك التهديد الذي يمثله الانهيار الاقتصادي على النظام العالمي في الوقت الراهن تأثیر کورونا علی الاقتصاد الإیراني سيكون لانتشار فيروس کورونا في إيران تأثير كبير على الاقتصاد المحلي أیضاً.

ووفقًا للخبراء الاقتصاديين في إيران ، فإن القصة أكثر تعقيدًا قليلاً ، لأنه بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي ، سيشهد الاقتصاد الإيراني المزيد من الضرر بسبب اعتماده على النفط والعقوبات الدولية والنمو الاقتصادي السلبي وارتفاع التضخم وما إلى ذلك. ويعاني الاقتصاد الإيراني ضغوطات مزدوجة فمن جهة العقوبات الاقتصادیة المفروضة عیها ومن جهة أخری عواقب فيروس كورونا على الرغم من أن الاقتصاديين يعتقدون أنه إذا تم العثور على لقاح لكورونا في وقت أقرب ، فإن الخسائر ستكون أقل وسيعود الاقتصاد إلى طبيعته في وقت أقرب ممکن. جاء في التقرير الصادر عن مركز البحوث البرلمانية أن "الاقتصاد الإيراني يواجه مشكلة کورونا في حين أن متغيرات الاقتصاد الكلي لم تظهر حالة جيدة". ووفقا لمركز الإحصاء الإيراني ، كان النمو الاقتصادي في الأشهر التسعة الأولى من عام 1398 حوالي 7.6 في المائة سلبي وكان النمو الاقتصادي بدون النفط صفرًا تقريبًا. أيضا كان معدل التضخم من نقطة إلى نقطة في نهاية (بهمن ) فبراير 25 في المئة. من ناحية أخرى ، هناك نقص في الحكومة من حيث الموارد ، وعجز ميزانية الحكومة هو أحد أهم مشاكل الاقتصاد الإيراني لعام (1399 وفق التقویم الفارسي الحالي) في ظل هذه الظروف ، يمكن للتكاليف التي يفرضها وباء كورونا ، وما ينتج عن ذلك من انخفاض في الإنتاج ، أن تضع الاقتصاد في معدلات تضخم أعلى ونمو اقتصادي أقل .و سيؤدي فقدان بعض الوظائف أو انخفاض حاد في الدخل في بعض القطاعات إلى تقليل النمو الاقتصادي ، ومن ناحية أخرى ، ستنمو بعض الوظائف الأخرى في هذا الوقت مثل منتجات الرعاية الصحية والمنظفات وما إلى ذلك .

فقد سببت أزمة کورونا مشاکل في العرض والطلب. فمن ناحية ، انخفضت الأیدي العاملة، ومن ناحية أخرى ، كانت هناك مشاكل في تأمین المواد الأولیة (الخام) للإنتاج . وسيؤدي إغلاق الشركات إلى انخفاض في القوة العاملة ، وسيؤدي انخفاض دخل الأسرة إلى انخفاض في الشراء والطلب . أیضاً إن عدم التأکد بشأن ماذا سیحدث في المستقبل يشجع الأسرة على توفير المزيد من المدخرات وتأجيل شراء البضائع غير الضرورية. وهذا الأمر سيؤدي إلى تقليل الطلب الكلي ، لذلك من المتوقع أن يزداد التباطؤ الاقتصادي بسبب صدمات العملة والعقوبات ، وبالتالي فمن الضروري اتباع سياسات داعمة للأسر والشركات على حد سواء. بينما تواجه الحكومة صعوبات مالية ، بالإضافة إلى انخفاض العائدات بسبب العقوبات وتراجع أسعار النفط وصادرات النفظ ، ترتفع قیمة التكاليف الصحية والطبية بالمقابل بسبب کورونا ، لإن الموارد المخصصة للسياسات الداعمة محدودة للغاية. لذلك ، من المهم للغاية أن يتم اعتماد السياسات الداعمة على النحو الأمثل وتجنب السياسات الداعمة العمياء (مثل تخصيص رأس المال لبعض السلع) ، حيث من المحتمل أن يتم توفير هذه الموارد على حساب التضخم . و

بناءً على ذلك ، ينبغي إعطاء الأولوية لسياسات زيادة الطلب الإجمالي عن طريق الحد من العمالة و انخفاض دخل الأسرة يمكن دراسة الآثار الاقتصادية لانتشار هذا الفيروس على الشركات والأنشطة الاقتصادية في البلاد من أبعاد مختلفة. فكبرى البنوك المركزية عبر العالم تعرضت کذلك لخسائر کبیرةمما دفعها إلى خفض أسعار فائدة الإقراض لدعم الأسواق المالية. والشركات والقطاعات الإنتاجية، وأزمة کورونا لا تنعكس فقط على عدم قدرة الشركات الخاصة على سداد القروض، بل علی أخذ قروض جديدة أیضاً بسبب الخوف من الركود المتوقع. ومع ذلك ، ليست كل قطاعات الاقتصاد راكدة . وتعمل بعض القطاعات تحت قيود حكومية للسيطرة على العدوى والحد منها.

أما الأقسام الأخری مثل السياحة والنقل فهي أکثر عرضة لفیروس کوورنا . وأصبح قطاع السياحة العالمى الأكثر تضررا فى العالم جراء جائحة کورونا ، ما كبد شركات السياحة والطيران خسائر فادحة، كما تسبب فى خسارة الملايين من العاملين بالقطاع لوظائفهم. وتواجه الأسواق التجاریة والتجار ، وخاصة تجار التجزئة ، ركودًا بسبب القيود التي تفرضها الحكومات على المجمعات والأسواق التجارية ، أو من خلال التنظيم الذاتي من قبل المواطنين أيضا ، مع تفشي الفيروس الجدید زادت مخاوف الناس بشأن دخول الأماكن العامة مثل المتاجر ومراكز الخدمة والعديد من الشركات ، فقد شهدوا انخفاضًا في الطلب على سلعهم وخدماتهم وبيعها. يبدو أن قطاع الخدمات وأقسامه الفرعية یعاني بشکل أكبر مقارنة بالقطاعات الأخرى ؛ وکذلك الاقتصاد الحضري مقارنة بالاقتصاد الريفي ؛ والعمال مقارنة بأرباب العمل والفئات الضعيفة العاملة في القطاع غير الرسمي مقارنة بالأسر الأخرى وفي النهایة إن أي سیاسة تُتخذ من أجل السيطرة على انتشار کورونا یجب تقدیر تبعاتها علی الاقتصاد وفي نفس الوقت أي سياسة سیتم إتخاذها للحفاظ علی الاقتصاد یجب الانتباه للمحافظة علی سلامة العاملین للحیلولة دون تفشي فیروس کوورنا بینهم بشکل أکبر . إن الشرط الرئيسي للسيطرة على انتشار کورونا هو تعطیل الحیاة الاجتماعية غير الضرورية في الشهر المقبل. وهذا سيتطلب إغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية غير الضرورية ، والتي ستخلف ، بالطبع ، خسائر اقتصادية على طبقات المجتمع المختلفة.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اكثر المقالات قراءة

Error: No articles to display