إن الكتابة عن الأطفال المتأثرين بالإرهاب والحرب هو دائما جزء صعب من البحث في مجال القانون الإنساني مما لاشك فيه أن حماية الأطفال وإحترام حقوقهم واحدٌ من الأهداف الرئيسية لمختلف المنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بتطبيق القانون الدولي الإنساني.
و مع تصاعد موجة العنف واستمرار الحرب والصراعات في العديد من دول العالم، تفاقمت معاناة ومشكلات الأطفال في هذه الدول، ويعد الأطفال الضحايا الأكثر ضعفًا في الصراعات وهنا جاءت ضرورة حمایة الأطفال من مخاطر الحرب وهذا الأمر یؤیده الرأي العام ویؤکد علی ضرورة تطبیقه وکل مایتعرض له الأطفال من هتك حرمتهم وسلب طفولتهم لایُقابل فقط بالإستنکار العام بل ویُعتبر جریمة دولیة أیضاً .
إن تكريس حماية الأطفال وحقوقهم قبل زمن النزاعات المسلحة وأثناءه وبعده كانت ولازالت وستظل قضيةً تشغل بال أصحاب الضمائر الحیة الذین یسعون لتطبیق قانون حقوق الإنسان والأطفال وهو أمر لم یتم تحقیقه إلی الأن ومازال المجتمع الدولي قلقاً لملایین الضحایا من الأطفال الذي یزداد عبر التاریخ .
وتشير حقائق عالم الحرب والإرهاب إلى أن ثلثي الضحايا هم من المدنيين ، ولا سيما الأطفال. فالأطفال – إضافةً إلى النساء- هم الفئة الأكثر تعرضًا لآثار الحروب والنزاعات المسلحة، حيث يُشكلون أعلى نسبة من حيث عدد الضحايا عبر العالم حیث يتعرض الأطفال في الكثير من دول العالم للعديد من الانتهاكات والاعتداءات المختلفة، کما تشير التقارير العالمية الى وجود تزايد ملحوظ في انتهاك حقوق الطفل من الضرب والشتم والأسر والإتجار بهم وبأعضائهم بالإضافة الى سوء التغذية والأوبئة والتشرید والحرمان من التعلیم والإستقرار الفکري وإنعدام الأمن وإبعادهم عن أسرهم مما یخلف أثاراً وأضراراً نفسیة کبیرة.
كما ان مشكلة تجنيد الأطفال واسعة الانتشار في العديد من البلدان لاسيما في المناطق التي يوجد فيها نزاعات مسلحة ومختلف الإحصائيات المقدمة من قِبل مراكز بحوث مختلفـة تُشير إلى أن النزاعات المسلحة حصدت خلال الفترة من 2000م إلى 2010م أرواح ما يزيد عن مليوني طفل، وتعرض أكثر من ستة ملايين طفل إلى إعاقات بنسب متفاوتة ومن أجل حمایة الأطفال وبموجب القانون الدولي الإنساني , تنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977 على سلسلة من القواعد التي تولي للأطفال حماية خاصة.
وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان ما لا يقل عن 25 مادة تشير إلى الأطفال تحديداً إلی جانب قرارات مجلس الأمن وتوصیات الجامعة العامة و معاهدات حقوق الإنسان مثل إتفاقیة حقوق الطفل لعام 1989م وإن إنتهاك حقوق هذه الإتفاقیات والمعاهدات یُعد جریمة ویجب المحاسبة علیها کحادثة تفجیر حافلة الطلاب الیمنیین من قبل مقاتلین سعودیین فهذه جریمة حرب کبیرة ویجب علی المسؤولین الدولیین محاسبة السعودیة علیها .
ويتشارك الإرهاب والحرب في طبيعة السلوك والأهداف ، والميل إلى التدمير واسع النطاق وخلق الرعب والخوف بین المدنیین إن التأثیرات النفسیة المدمرة علی الضحایا لاسیما النساء والأطفال مثل القلق والخوف والاضطرابات السلوكية هي نتيجة حتمية للأطفال الذين عايشوا الحروب كما أن مشاعر مثل الإحباط واليأس والتمرد والعنف قد تبقی في ذات الطفل إلی سنوات عدیدة نتيجة ما يعانيه.
إن الانتهاكات التي يشاهدها الطفل في حالة الحرب تنعكس على أفكاره ومشاعره وسلوكه ولعل افتقاد الطفل لأسرة قادرة على معالجة مشاعره السلبية أو اضطراباته النفسية يجعل الأمر أكثر تعقيدا.
وأضافت المنظمة الدولية أن معظم الأطفال الذين عانى ثلثاهم من فقدان قريب أو تعرضت منازلهم للقصف أو أصيبوا ظهرت عليهم أعراض اضطراب شديد في المشاعر تعرف بـ "التوتر السام وأشارت إلى أن ترك حالة "التوتر السام" دون علاج قد يكون لها تأثير سلبي على الصحة القلبية والجسدية للأطفال.
وتراوحت الآثار من اضطرابات النوم والانطواء إلى إيذاء الذات والشروع في الانتحار. وأظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يشهدون الانفجارات والنزاعات المسلحة معرضون بشدة لمثل هذه الأمراض ، وقد ترافقهم هذه الأمراض مدی الحیاة إذا لم يكن لديهم علاج نفسي .
وفي هذا الصدد ، يشير الصندوق الدولي لليونيسف في عام 2015 ، في مؤتمر دولي بشأن الأطفال ، بوضوح إلى ضرورة إعتبار الأضرار الذي یلحق بالأطفال خطراً جدیاً ویجب معالجة الإطفال المعرضین لآثار الحرب والإرهاب . کذلك أفادت مفوضیة الأمم المتحدة السامیة لشؤون اللاجئین في تقریر لها أن القلق النفسي والإضطراب أصبحا شائعین بین أطفال سوریة بسبب الإرهاب والنزاع المسلح الداخلي .
وأشار التقریر أیضاً أن الأطفال من جمیع الأعمار أُصیبوا بتوتر وقلق نفسي حتی الأطفال الرضع وأکد التقریر أن الأطفال الذین سبق لهم مشاهدة حوادث العنف والقتل والضرب کانوا أکثر عرضة لإضطرابات عقلیة ونفسیة مثل المرض والصراخ والهذیان والتوهم ومشاهدة الکوابیس في النوم والتبول اللیلي والبکاء دون سبب والتصرف بعصبیة وعنف مع الأخرین .
وفي حال مشاهدة الطفل لحالات وفاة مروعة لأشخاص مقربين منه أو جثث مشوهة أو حالة عجز لدى مصادر القوة بالنسبة للطفل مثل الأب و الأم على سبيل المثال يصاب عندها الطفل بصدمة عصبية قد تؤثر على قدراته العقلية.
ويؤكد تقرير لوكالة سبوتنيك أن تحالف السعودية مسؤول عن نصف ضحايا أطفال اليمن وكشفت مسودة تقرير للأمم المتحدة، عن أن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية مسؤول عن نحو 51% من القتلى والمصابين من الأطفال في اليمن العام الماضي، ووصفت ذلك بأنها نسبة "مرتفعة بشكل غير مقبول إلا أنه للأسف بسبب السیاسات الإستغلالیة للدول تم إهمال حقوق الأطفال الأبریاء فقد أزیل إسم المملکة العربیة السعودیة من القائمة السوداء للحکومات علی الرغم من جرائمها بسبب دعم السعودیة للأمم المتحدة المالي الذي یمنع إنخفاض میزانیة الأمم المتحدة وهذا یسلط الضوء علی خیبة أمل المنظمات الدولیة المطالبة بحقوق الإنسان .
تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد فرق بين الأطفال اليمنيين والسوريين والأفارقة والعراقيين والفلسطينيين والأفغان والإفریقیین فأي جریمة وعنف ضد الإطفال الأبریاء من قبل أي دولة یجب إدانتها . لأن العالم ينتمي إلى جميع الأجيال القادمة والسلم والأمن الدوليين يعتمد على وجود جيل صحي وسعيد حول العالم ومع ذلك ، يجب اليوم قبول الأزمة الإنسانية التي يتأثر بها الأطفال من جراء الحرب والعنف في جميع أنحاء العالم وهذه حقیقة مؤسفة حیث یتم التضحیة بالأطفال بوصفهم الأکثر ضعفاً في المجتمع في النزاعات المسلحة وتسلب طفولتهم البریئة .
إن وجود القانون الدولي والمعايير القانونية وحدها لا يكفي لحماية حقوق الطفل فالأمر الملح والمهم هو تنفیذ هذه القوانین بدلاً من سنها فوق السطور فقط .
وفي غضون ذلك ، لا ينبغي تجاهل دور المنظمات غير الحكومية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر واليونيسيف وغيرها من وكالات الإغاثة الوطنية والدولية في تطوير وحماية حقوق الطفل ان ملايين الأطفال على مستوى العالم لايزالون معرضين لشتى انواع الاذى والاستغلال وقت الحرب ولها آثار نفسية واجتماعية واقتصادية تهدد نمو وتطور حياة الأطفال .
حقوق الطفل هي ذريعة للتذكير بمعاناة الأطفال ضحايا الإرهاب والحرب في اليمن وسوريا وأفغانستان وغيرها من البلدان ویجب الدفاع عنهم ومساعدتهم .
ترك تعليقاتك
إدراج تعليق كزائر