كيف انتقل المنافقون إلى الكفاح المسلح بعد ثلاث سنوات من الثورة الإسلامية؟

 

 

 

 

كيف انتقل المنافقون إلى الكفاح المسلح بعد ثلاث سنوات من الثورة الإسلامية؟

بدأت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بالضبط في اليوم التالي بعد إنتصار الثورة الإسلامية في 11 فبراير 1977، خطتها في الاستيلاء على الحكومة بأسرها بأي طريقة ممكنة. فمن ناحية، أصرت المنظمة على الدعم الشعبي واستعداد الميليشيات وتوسيع قاعدتها الاجتماعية، واعتبرت هذه المنظمة شرعية في سلوكها "لجميع القوى"، ومن ناحية أخرى فإن الظاهرة التي يطلق عليها "البربرية"، واعتداءاتها على المكاتب والمقرات علنیا تتناقض مع رد فعل المنظمة واعتبرت المنظمة أن رد الفعل كان يهدف إلى عزل القوات التقدمية .

لذلك، من الأيام الأولى بعد إنتصار الثورة، حذرت المنظمة باستمرار من خطر الحروب الأهلية مثل لبنان وفيتنام، وهذه التحذيرات لا تعني سوی أنهم يعتبرون أنفسهم طرفا في هذه الحرب الأهلية، و الطرف الآخر هو رجعي، أو خط الإمام. وفي بيان صدر بعد أقل من 20 يوما بعد إنتصار الثورة الإسلامية في 13 مارس 1978م ، بعد أن حذرنا من أن "تم إخطارنا بأن مؤامرة مضادة للثورة مخزية تهدف إلی مهاجمة مكاتب منظمة مجاهدي خلق في 14 آذار ) أعلن أنه : بالأمس هوجمت مراكز حركة المجاهدين الوطنية في كاشان ويزد والتربة الحيدرية ... ومن الواضح أن هذه الهجمات في طهران ستجعل صبر كل ثوري ینفذ .

لذلك سأقول بوضوح أنه في حالة حصول أي هجوم لن تقع المسؤولية علی منظمة منافقي خلق لأنها أجبرت على الدفاع عن نفسها ومكاتبها. وکذلک ذکرت المنظمة أيضا خطر الحرب الأهلية في الإشعار السياسي العسكري رقم 22 في 15 أبريل من عام 1979. في مايو 1978، حدثت صراعات في مكاتب المنظمة في آبادان، خرم آباد. وكانت المواجهات غير مسلحة من قبل أشخاص عاديين ، بعد ساعات قليلة، کان لديهم خطط للدخول إلى مكاتب المنظمة والاستيلاء عليها. وردا على هذه الاشتباكات، قسمت نشریة "رسالة الشعب" المهاجمين إلى ثلاثة فصائل - "بقايا النظام البهلوي" و "رد الفعل والتوترات" و "الشعب الصادق بعد القسم الثاني ) واعتبر تالیا أن رد الفعل هو العدو الرئيسي على الساحة السياسية والاجتماعية، لأنهم "أولئك الذين يطلقون على المجاهدين أسماء مثل انتقائيين ومرتدين ومنافقين". وعلى سبيل المثال، في 4 مايو 1980، الذي عقد في مکان سري،کان الشعار الرئيسي للمنظمة (نار خلق سوف تحطم الشعوب دائما ، رد فعل الرجعي دمرت تماما ) في الوقت نفسه، مع الإشارة إلی العدو الرئيسي ، الذي یقصد به رجال الدين وخط الإمام، عززت المنظمة أيضا کره والحقد وسوء معاملة المؤمنين وحزب الله في قانون تعليمهم. في العدد الثالث من مجلة المجاهد في تاریخ 15 أب من عام 1979م جاء مقال بعنوان (هل ینعکس فیلم Z في الحیاة الواقعیة في إیران ؟)

وجاء في قسم من هذا المقال : هل Z یبدو أن الأحداث الأخیرة التي وقعت في الأشهر الماضیة في إیران تعکس الإجابة علی سؤالنا . في إیران قابلة للتکرار ؟ الاعتداء علی المجتمعات من قبل خصومهم المعروفين والمهنيين والتآمر ضد الأفراد والقوى التقدمية والثورية، وتعطيل الثورة المتنامية، والتدقیق بالملابس الملونة ، وإظهار المعرفة الفاشية والإهانة والتشهير لذنب الثوري والسلوك التعسفي وتزوير الأخبار بواسطة وسائل الإعلام وغيرها. واستمرارا لنفس الخط وفي صيف عام 1979م، وصفت المنظمة خصومها بأنهم عملاء سافاك، بينما أعلنت في الوقت نفسه أنه لا يمكن لأحد أن ينكر قدرة منظمة مجاهدي خلق على حمل السلاح. في الأشهر الستة الأولى بعد انتصار الثورة، كانت مكاتب الحزب دائما محل اعتراض من قبل شعب حزب الله وبعض اللجان الثوریة . وبطبيعة الحال، كان الاستفزاز العام للسلوك السياسي والإيديولوجي للمنظمة السبب في اشتباكات الشعب مع أعضاء المنظمة. غير أن المنظمة تحسست من جدید حول امتلاک اللجان الأسلحة والذخائر. وثمة نقطة هامة أخرى في سلوك المنظمة خلال الأشهر الستة الأولى من انتصار الثورة تتمثل في حفز المنظمة على الاستفزاز والضغوط والصراعات. وفي هذه الحملات لعب التلاميذ دورا هاما.

ومن أجل الحصول على قاعدة اجتماعية للمناورة في القوى وموازنة القوى مع النظام، استفادت المنظمة من المدارس لاستخدام العنصر الاجتماعي في الساحة السياسية. کشفت رسالة رجوي التي وجهها إلى الطلاب في 26 سبتمبرمن عام 1978، عن ميله لجذب الطلاب. ترکیز المنظمة علی أهمیة تنظيم الطلاب في المدارس الاعدادیة والثانویة ثم طلاب الجامعات ويؤكد هذا التحليل علی أن رموز النقيض الأيديولوجية مثل منظمة الشعارات (المطرقة والمنجل) تعمل علی جذب وتوظيف الطلاب بأقصى جهد، وغيرهم من العمال والموظفين والعاطلين عن العمل، وکذلک القرويون والمزارعون، فضلا عن الطبقة الوسطى الحضرية، التي تظهر قدرا ضئيلا من التعاطف مع المنظمة. وکذلک کان من الواضح وجود طبقات اجتماعیة مختلفة وتشکلات في نظام الدولة مقابل منظمة منافقي خلق . وبالطبع اعتبرت منافقي خلق تنوع التشکیلات والطبقات المختلفة الموجودة في الحکومة الإسلامیة دلیل علی أن الحکومة لاتملک طبقة اجتماعیة قویة وموحدة . ومع ترسیخ الجمهوریة الإسلامیة أسسها الأولی وتحدید مسار البلاد في إنشاء مؤسسات دیمقراطیة فإن منظمة مجاهدي خلق، التي رأت نفسها كأهم منظمة ثورية ومتشددة على الساحة السياسية، کانت جاهزة في الانتخابات الأولى بعد انتصار الثورة، یعني انتخابات مجلس الخبراء حول القانون الأساسي بالترشح للانتخابات. كما بذلت الهيئة التنظيمية كل جهد ممكن للفوز، أدت حملة المجاهدين الانتخابية إلى اشتباكات في الشوارع بين مؤيدي ومعارضي المنظمة. وكان من الواضح أن عددا كبيرا من الناس لن یتنازلوا لرؤساء المنظمة. غير أن موجة إعلانات المنظمة أظهرت أيضا أن تشکیلات المنظمة كانت من أعلى المستويات من حيث القيادة. وكانت نتيجة الانتخابات مريرة ولكنها واعدة للمجاهدين. أصبح مسعود رجوي، مع ما يقرب من ثلاثمائة ألف صوت، الثاني عشر، في حين ذهب عشرة رجال منتخبين للبرلمان. ومع إجراء أول انتخابات رئاسية، كانت الانتخابات فرصة للوصول إلى ذروة الإعلان للمنظمة.

وفي العديد من الحالات، أدت دعاية المنظمة إلى نزاع وصراعات في الشوارع، وفي 20 ديسمبر / كانون الأول 1980، أقام مسعود رجوي و موسى خيباني خطبة في جامعة طهران، وفي هذا اللقاء بدون تدخل الحرس الثوري واللجان الثوریة اشتبك مؤیدي ومعارضون المنظمة،و ضربوا بعضهم البعض. کان الأشخاص المؤیدون الحاضرون في الصراع ینتمون إلی خط الإمام ، وكان عمر معظمهم بين 18 و 25 سنة وقد جاؤوا من جنوب طهران. وأظهرت الأيام القليلة بعد نشر تقرير مجلة مجاهد تحت عنوان "الهجوم و رد الفعل العالمي على المراكز وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بعد ترشيح شقيق الرئیس المجاهد مسعود رجوي" وذکر في التقرير أن التحقیق أظهر أن الأشخاص الذين شاركوا في الصراع مع منظمة منافقي خلق لم یکونوا من الحرس واللجان الثوریة بل کانوا أشخاصا عادیین ، وتم نفي تورط الحرس واللجان الثوریة في الصراعات والنزاعات مع الثورة علی الرغم من وجود أشخاص من اللجان أو الحرس اللذین تصرفوا بدون الحصول على موافقة القیادة ومافعلوه بسبب التعاطف والإحساس بالواجب للثورة الإسلامية و المعركة الانتخابية. وأثناء حملة الانتخابات الرئاسية، تسبب مقتل أحد كبار الأعضاء في المنظمة الذي یدعی عباس العماني في جنوب طهران في قیام المنظمة بطرق مختلفة بإعلانات والترویج حول موضوع استشهاد وجرح أعضائها.

لقد كانت زيادة كراهية النظام الذي نشأ حديثا ومؤيديه من خلال النظام الإسلامي للجمهورية الإسلامية والنظام البهلوي والحاجة إلى الصراع الدموي رد الفعل (لخط الإمام) على جدول أعمال المنظمة. كان قتل العماني في التحليل الداخلي للمنظمة هو رد الفعل النهائي لرد الفعل والديكتاتورية للكتائب وكان عنوان فلانخي (کتائب إسبانیة لجمعیات الهجوم الوطني ) ملهماً جداً لجذب المؤيدين بإظهار الموقف المضطهد. تم استنساخ صور الضحية من مختلف الحالات، وتم توزیعها وفي الخطب والمظاهرات، كان يشار إلی "عماني" ب "رضائي الثاني". المنظمة بالإضافة إلى التحقيق في قتل عماني، استغلت مقتله کذریعة لسحق خصومها. وبعد بضعة أشهر علی نسیان عماني ، تم استخدام البعض الآخر كأداة لدعایة المنظمة . بالدراسة الموجزة للدستور الآساسي الذي تم التصویت علیه في عام 1979 نجد أنه في بنية الجمهورية الإسلامية التي أنشئت حديثا، أعطی البرلمان أهمية کبیرة لمسألة الرئاسة الجمهوریة، لذلك شاركت المنظمة بشكل كامل في الانتخابات للمرة الثالثة في 1979. وبالإضافة إلى إعادة النظر في الانتخابات كوسيلة للحصول على السلطة، رأت المنظمة في الانتخابات کوسیلة لتعزيز الهيئة الاجتماعية وتنظيم الميليشيات.

ونتيجة لذلك، قدمت المنظمة نفسها کمرشحة في مجلس الشوری الإسلامي إلی جميع أنحاء البلد؛ فقدمت محاضرات واجتماعات علی الطاولة المستديرة في المدن. کما سافر مسعود رجوي للدعاية إلی رشت وتبريز، وحتى قضية تافهة مثل الانتخابات أدت على مرحلة أو مرحلتين إلى صراع دموي في طهران والمدن. واختاروا 14 شخصیة عاطفية من المنظمة للرد على هزيمة رجوي في الانتخابات الرئاسية. وتم استخدام جميع القوى التنظيمية للمنظمة. في المقابل دعت جماهیر الناس الذين كانوا عموما من الطبقات الکادحة الفقیرة المرشحین الداعمین للإمام الخمیني (قدس سره) تقدیم محاضرات وإلقاء الخطب في المساجد والمحافل المختلفة. ورکزت معظم محاضرات المساجد على قضية منظمة مجاهدي خلق. وأدى أداء المنظمة الذي استمر عاما واحدا في تعزيز الكراهية والصراعات إلى حصول فرصة ضئیلة لمنافقي خلق للفوز في الانتخابات البرلمانية، وخلقت مكانا للتعبير فیه عن وجهات نظر شبكة أوسع من رجال الدین ومدی تنفرهم من المنظمة. في هذه المرحلة، خلافا لانتخاب الخبراء الدستوريين والانتخابات الرئاسية، أعربت جماهير من الناس في جنوب المدينة ووسط طهران، وفي المحافظات الأخری عن مشاعرهم المناهضة للمجاهدين


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اكثر الاخبار قراءة

Error: No articles to display