شارلي إيبدو واستفزاز المسلمين

 

 

 

أدانت صحف عربية، إعادة مجلة شارلي إيبدو الفرنسية نشر رسوم، مسيئة للنبي محمد ومشاعر المسلمين، وعرضتها لهجوم مسلحين متطرفين في عام 2015. وتعرضت مجلة شارلى إيبدو فى شهر يناير من عام 2015 إلى حادث إرهابى راح ضحيته 12 شخصاً منهم 4 من فناني المجلة. وشارلى إيبدو أو 'شارلى الأسبوعية‛ هى صحيفة ساخرة أسبوعية تصدر فى باريس، موضوعاتها الرسوم والتقارير والمهاترات والنكات، وتتسم منشوراتها بأنها غير وقورة وغير ملتزمة وتأتي إعادة نشر الرسوم بعد يوم من بدء محاكمة 14 شخصا، بتهمة مساعدة المسلحين في هجوم يوم 7 يناير/ كانون الثاني 2015، وكذلك بعد عدة أيام من قيام متطرف بحرق المصحف الشريف، في مدينة مالمو السويدية. وتساءل كتاب عن أسباب مواصلة المجلة استفزاز المسلمين، فيما وصف آخرون هذه الأفعال بأنها "تحفيز على التحرش الديني"، ودعوة للكراهية والعنف.

وسکب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الزیت علی النار بتصریحاته التي أدلى بها، في خطاب ألقاه يوم الجمعة الماضي 2 تشرين الأول/أكتوبر، في (ليه موروه) أحد أحياء ضاحية باريس، والذي قال فيه إن الإسلام "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم. وسعى ماكرون في خطابه، إلى إبراز ملامح خطته التي جرى الحديث عنها مرارا، والتي تسعى لمحاربة "النزعات الانفصالية"، في المجتمع الفرنسي والتي تشير معظم وسائل الإعلام الفرنسية، إلى أنها تستهدف وفقا للسلطات الفرنسية كل النزعات المتطرفة. لكن حديث ماكرون عن الإسلام تحديدا، وقوله بأن "على فرنسا "التصدي إلى الانعزالية الإسلامية"، الساعية إلى "إقامة نظام موازٍ" و"إنكار الجمهورية"، أثار ردود فعل غاضبة من داخل فرنسا،ومن أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي . وفي الداخل الفرنسي، أعربت عدة هيئات وجمعيات ممثلة للمسلمين، عن مخاوفها من أن تسهم تصريحات الرئيس الفرنسي وخطته المرتقبة، في انتشار خطاب الكراهية ودفع البعض إلى الخلط بين الدين الإسلامي وتصرفات المتطرفين.

ويدعو المؤيدون إلى "إحداث ثورة لتجديد الخطاب الديني داخل المساجد في فرنسا" ويحذرون من حالة الفوضى والانفلات في الضواحي الباريسية التي تحتضن جاليات مسلمة كبيرة، ويؤكد مشروع القانون الفرنسي المرتقب، على فرض رقابة أكثر صرامة،على الجمعيات الإسلامية، والمساجد الخاضعة للتدخل الخارجي. لکن هل یسعی الرئيس الفرنسي، بالفعل بجدية إلى حل مشاكل فرنسا الداخلية، أم أنه استخدم الإسلام كالعادة، في تحقيق مكاسب سياسية وبهدف الخروج من مأزقه الداخلي، في ظل تدني شعبيته ومواجهته للعديد من المشاكل الاقتصادية. ویعتقد الكثير من معارضي سياسة ماكرون، اعتياده منذ وصوله للسلطة على استخدام عبارات مستفزة ضد الإسلام والمسلمين، من قبيل تكراره دوما لعبارة"الإرهاب الإسلامي"، ويرون أن مهاجمة الإسلام باتت ملجأ للرئيس الفرنسي، للهروب من الضغوط الداخلية والأزمات. کما اعتبر المعارضون لسياسة ماكرون، أن الرجل يعاني من تدهور في شعبيته، لم يعرفها أي رئيس فرنسي آخر، وأن ذلك التدهور بدأ في أيلول/سبتمبر من العام 2017 عندما صدر قانون العمل والذي يرون أنه مثل المسمار الأول في نعش شعبية ماكرون.

ومن خلال بنود اعتبرها العديد من الفرنسيين مجحفة بحقهم، وتهدد مستوياتهم المعيشية، استمرت شعبية الرئيس في التدهور ليزيد من تدهورها، فرض مزيد من ضرائب القيمة المضافة على السيارات التي تستخدم الديزل والتي أقرت في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2018، وهو ما زاد من رقعة الاحتجاجات الشعبية في البلاد ليفجر ما عرف باسم "احتجاجات ذوي السترات الصفراء" في ظل كل تلك الظروف، يرى معارضوا ماكرون أن الرجل لم يكن أمامه، سوى مغازلة تيارات بعينها في السياسة الفرنسية، يتركز جلها في جانب اليمين المتطرف، في محاولة منه لرفع شعبيته المتدهورة فيما يسميه هؤلاء بسياسة "الهروب للأمام وهاجم عدد من المعلقين تصريحات ماكرون، متهمين إياه بـ"العنصرية" و"كراهية الإسلام والمسلمين تحت عنوان "لماذا يحمل الرئيس ماكرون كل هذه الكراهية للإسلام والمسلمين؟"، تقول صحيفة رأي اليوم اللندنية في افتتاحيتها: "منذ أن جاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه، وشُغله الشاغل دائما هو التطاول على الدين الإسلامي بطريقة استفزازيّة غير مسبوقة.

وتضيف الصحيفة أن ماكرون "يدّعي أنه يفرّق بين الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف، ولكنه في واقع الأمر يعادي الاثنين، ويتبنّى سِياسة 'تصنيع الخوف ' والاستثمار الانتخابي في 'الإسلاموفوبيا ' المنتشرة حاليا في أوروبا والعالم الغربي عمومًا، لأسباب انتخابية صِرفة بعد تراجُع أسهُمه مقابل اليمين واليمين المتطرف اللّذين تتصاعد حظوظهما وشعبيّتهما في أوساط الرأي العام الفرنسي هذه الأيّام". ويصف الكاتب تصريحات الرئيس الفرنسي بـ"العنصرية الفاضحة"، مؤكدا أنه "كلما اقترب ماكرون من موعد الانتخابات زادت عنصريته للاقتراب من اليمين المتطرف. ويضيف الكاتب: "لا جدال في أن فرنسا تعدّ واحدة من أسوأ الدول الغربية في التعامل مع مواطنيها المسلمين، نتيجة تبنّي نموذج متطرف في العلمانية استُخدم كمبرر للتمييز ضد المسلمين، بدعوى الاندماج ومحاربة التطرف". وتظاهر الآلاف في فرنسا بعد ذبح مدرس قام بعرض رسوم كاريكاتورية للنبي محمدعلی تلامیذه .

وأثارالحادث ردود الفعل الرسمية والمجتمعية إذ لأول مرّة تجتمع في فرنسا كلمة الأطراف السياسية والحزبية والمنظمات الأهلية، بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية، على رأي وموقف واحد، وهو إدانة العملية الإرهابية من دون أي تحفظ، وكذلك الإجماع على توجيه أصابع الاتهام لجماعات الإسلام السياسي، وطالب الجميع باقتلاعها من جذورها، وذلك بمنعها هي والجمعيات الأهلية التي تمول نشاطها". ویعتقد البعض أن حادثة قطع رأس مدرس التاريخ الفرنسي معركة جديدة داخل المجتمع الفرنسي بين اليسار الداعم للجماعات الدينية واليمين المعارض.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اكثر الاخبار قراءة

Error: No articles to display