إنتصار إيران أمام إئتلاف مشؤوم

 

 

 

أعلنت الجمهورية الاسلامية الايرانية في يوم 18 تموز/ يوليو من عام 1988 عن قبولها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 لوقف اطلاق النار في حرب الثماني سنوات التي فرضها النظام الصدامي البائد على ايران مما أدى الى انتهاء هذه الحرب المفروضة على الشعب الايراني. وبعدما صادق مجلس الامن الدولي على القرار 598، تم اختيار وفد بلجيكي في اطار تنفيذ البند الـ6 لهذا القرار وتكليفه للكشف عن الدولة البادئة بالاعتداء والحرب وتقديمها الى الامين العام للامم المتحدة. وقدم هذا الوفد تقريرا في 9 من شهر كانون الاول/ ديسمبر عام 1991 الى الامين العام للامم المتحدة في حينه؛ ليتم الاعلان بأن العراق هو مَن بدأ الحرب على ايران وذلك وفقاً للوثائق الدامغة والتي عرضها الامين العام على مجلس الامن خلال جلسة رسمية في هذا الخصوص. وتحمل الحرب المفروضة على ايران في طياتها الكثير من النقاط الهامة وبما يشمل شتى المجالات العسكرية والسياسية والاستراتيجية والجيو-سياسية؛ حيث تطرق محللون بارزون في العالم الى اجزاء منها خلال الاعوام الماضية بالتفصيل. وشنّ صدام الحرب على ايران بدعم واسناد رسمي وغير رسمي لأكثر من 80 دولة في العالم؛ الامر الذي يشكل احد النقاط الهامة في هذا الحدث التاريخي. وكانت الولايات المتحدة الامريكية الداعم الرئيسي لصدام المقبور في حربه على ايران، وكان مستشار الرئيس الاميركي الاسبق زبيغنيو بريجنسكي قد صرح آنذاك، بأن "شن حرب اقليمية ضد ايران يشكل اسلوباً مناسباً لمنع تصدير الثورة الاسلامية".

واضاف: "ان على الولايات المتحدة بأن تعزز الحكومات التي تمتلك القوة على اجراء العملية العسكرية ضد ايران وذلك من اجل مواجهة الثورة الاسلامية". وكان بريجنسكي قد لوح الى صدام خلال لقاء سري معه على الحدود العراقية مع الاردن، بأن واشنطن تدعم تماما اي خطوة او تحرك عسكري عراقي ضد ايران. ووفقاً للوثائق المتوفرة، قبل اسبوع واحد من بدء صدام عدوانه ضد ايران، تم تسليم 5 طائرات تجسس من طراز "آواكس" متطورة تابعة للجيش الاميركي الى السعودية للقيام بعمليات الاستطلاع حول المهام الجوية الايرانية وتقديم المعلومات المتعلقه بها الى الجيش العراقي؛ فضلا عن تقديم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ "سي آي إيه" صور التقطتها أقمار صناعية متعلقة بمواقع القوات العسكرية والمنشآت النفطية الايرانية اليه.

هذا وقدمت الحكومة الاميركية آنذاك مساعدة مالية بقيمة 840 مليون دولار لنظام صدام البائد من اجل استيراد المواد الغذائية، اضافة الى تقديم قرض له بقيمة مليار دولار لشراء الاسلحة وانتاجها. كما قامت واشنطن بإخراج اسم العراق من "لائحة الدول الراعية للارهاب" ذلك بعد سنوات عديدة، من اجل تمهيد الارضية لهذا البلد اكثر من ذي قبل لشراء السلاح، فضلاً عن حثها السعودية على خفض اسعار النفط، وبالتالي حرمان ايران من مصدر عائداتها الرئيسي لسد تكاليف الحرب آنذاك. وتشير الارقام والاحصائيات بأن صدام تلقى اكثر من 60 مليار دولار من المساعدات المالية من الحكومات الغربية لتلبية حاجاتها الاقتصادية خلال ثمانية اعوام من الحرب.

والحرب التي شنها صدام على ايران كانت حربا غيرمتوازنة تماما من الناحيتين التسليحية والمالية لان الحكومات الغربية والشرقية كانت قد سلمت للنظام العراقي البائد آلاف الدبابات والعربات وانواع المدافع. وكانت العراق تمتلك اكثر من 700 طائرة مقاتلة وقاذفة خلال عملية استعادة جزيرة الفاو الاستراتيجية. وهذا الكم من الاسلحة الى جانب اكثر من 300 صاروخ بر - جو من طراز "سكاد B" سوفياتي الصنع، التي قام المتخصصون الالمان بتحديثها وكذلك كم هائل من الاسلحة الكيمياوية التي سلمتها الدول الاوروبية والاميركية الى صدام كلها حول العراق الى آلية عسكرية كبيرة. وتمكن العراق آنذاك باستخدام هذه الاسلحة في قواته البرية من زيادة عدد جيوشه من 27 جيش في عام 1986 الى 50 جيشا في عام 1988. وسلمت البرازيل وبريطانيا والارجنتين معدات هامة الى العراق، فضلاً عن الولايات المتحدة، كما قامت ايطاليا وبلجيكا بتزويده صواريخ مضادة للدروع متطورة ومساعدته على انتاج المدافع بعيدة المدى وسائر القطاعات العسكرية.

وقدمت فرنسا اكثر من سبعة مليارات دولار مساعدات مالية لنظام صدام البائد، فضلاً عن تسليمه طائرات حربية متطورة من طراز "ميراج" وطائرات "سوبر اتندارد" والصواريخ الليزرية التي كانت تشكل آخر انجازات الصناعة العسكرية الفرنسية في حينه. وكانت ألمانيا ضمن الدول التي دعمت نظام صدام خلال الحرب المفروضة ضد ايران عبر ارسال المواد الكيمياوية اليه؛ الامر الذي مكنه من انتاج كم هائل من الاسلحة الكيمياوية واستخدامها ضد الجمهورية الاسلامية. للحرب المفروضة على ايران كثير من الخصائص الفريدة وفي شتى المجالات بما في ذلك التناغم المثير للاستغراب الذي حصل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق في دعم واسناد صدام؛ وذلك بعيدا عن اجواء التوتر السائدة في حينه إثر الحرب الباردة بين البلدين.

وفي السياق، عمد الجيش السوفياتي الى ابتعاث قادة للعراق وتقديم التدريبات اللازمة للجيش العراقي بحيث ان 85 بالمئه من المعدات والادوات العسكرية العراقية ابان الحرب على ايران، كانت من انتاج الاتحاد السوفياتي. والى جانب المساعدات العسكرية المباشرة، فان الحكومة العراقية استطاعت الاستفادة من خبراء الاتحاد السوفياتي في الشؤون الصاورخية لتطوير برامج صواريخه البالستية. هذا وكانت الاردن تعتبر الداعم الرئيس لنظام صدام بين الدول العربية وتعززت العلاقات بين العراق والاردن بعد عقد قمتي العرب في بغداد وتونس؛ الامر الذي تجسد في دعم الملك حسين للعراق خلال حرب الثماني سنوات المفروضة على ايران.

واعلنت وسائل اعلام غربية آنذاك بأن ملك الاردن أرسل خمسة آلاف عسكري الى العراق من أجل تأمين الأمن في هذا البلد. كما تحول ميناء العقبة الاردنية الى خط إسناد لتفريغ المساعدات الغربية المرسلة الى العراق. وكانت الكويت من داعمي نظام صدام ايضا حيث ان هذا البلد لم يقتصر في تقديم اراضيه وقواعده العسكرية لتكون في متناول العراق، بل انه قدم 14 مليار دولار من المساعدات المالية واكثر من 16 مليار دلار من الدعم اللوجستي وما شابه ذلك الى صدام؛ حسب تصريحات بعض المسؤولين الكويتيين. هذا وساعدت الامارات العراق ايضاً وقدمت له مليار وخمسمئة ألف مليون دولار في أواخر عام 1981؛ يضاف الى ذلك اتفاق كويتي-سعودي على ايداع عائدات ما يتراوح بين 300 إلى 350 الف برميل من النفط المستخرج من منطقة محايدة يوميا في حسابات العراق البنكية وذلك في اطار الدعم المالي له. وكانت السعودية من اكبر الداعمين للعراق بين الدول العربية في فترة الحرب بحيث ان حصة الرياض من اجمالي المساعدات المالية البالغة 70 مليار دولار والتي قدمتها الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي للعراق، كانت قد بلغت اكثر من 30 مليار دولار.

هذا وأرسلت السودان المئات من جنودها الى ساحات الحرب على ايران في اوائل شهر كانون الثاني/ يناير عام 1983، كما أصدر الرئيس السوداني في حينه "جعفر النميري" قراراً بفتح مكاتب في الخرطوم ومدن سودانية اخرى لتسجيل اسماء المتطوعين لارسالهم الى ساحات الحرب ضد ايران. وكانت دول عربية اخرى مثل البحرين وسلطنة عمان والمغرب والجزائر وليبيا والصومال ايضاً متورطة في هذه الحرب بوصفها بلدانا داعمة لنظام صدام البائد. وضربت الدول الغربية والعربية الداعمة للنظام الصدامي البائد بعرض الحائط القانون الدولي والمبادئ الانسانية وقدمت الدعم لهذا النظام في حربه العدوانية على ايران؛ لكن بالرغم من ذلك فان الشعب الايراني تمكن من تحقيق النصر على هذا الائتلاف المشؤوم والمناوئ للبشرية عبر المقاومة والملاحم الفريدة التي سطرها ابناؤه المضحون ليرفعوا راية الجمهورية الاسلامية الايرانية، الفتية آنذاك، عالية رغم محاولات ومؤامرات أعدائها اللّدودين.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات

أکثر زيارة

Error: No articles to display

اكثر المقالات قراءة

Error: No articles to display