حقوق الإنسان في فکر الإمام الخامنئي (1)

الفصل الأول: حقوق الإنسان في الإسلام

معیار حقوق الإنسان في الإسلام

المدرسة الإسلامیة هي مدرسة الإنسانیة و القیم الإنسانیة، و مدرسة إشاعة الرحمة و المروة و الأخوة الإنسانیة... مدرسة معیارها في الحقوق الاجتماعیة هو: «لن تقدس أمة لا یؤخذ للضعیف فیها حقه من القوي غیر متمتع». الشخص الخالیة یداه من المال و القوة في المجتمع یجب أن یستطیع أخذ حقه من القوي – ذي المال و القوة – بلا أیة مشکلة. هذه هي رسالة الإسلام. و هذا هو المجتمع الإسلامي الصحیح. هذه الرسالة هي التي تجتذب إلیها الشعوب الیوم. أي مکان من العالم یدار الیوم بهذه الطریقة؟ أیة دیمقراطیة أم أیة لیبرالیة، أم أیة حقوق إنسان مزعومة تستطیع الیوم طرح مثل هذا الشيء و السیر علی هداه؟ إنما یعملون الیوم بالاتجاه المعاکس.

أساس حقوق الإنسان في النظام الإسلامي

الفکر الذي یعرضه نظام الجمهوریة الإسلامیة الیوم علی العالم فکر جد جدید و قائم علی أساس الدین. تعود العالم في تحلیلاته و رؤاه المادیة علی فصل الحداثة عن الأفکار الإلهیة و المعنویة و جعلهما في قطبین متقابلین. أي شيء دیني و معنوي – سواء کان إسلامیاً أو غیر إسلامي – ینتمي للماضي و هو بالتالي شيء رجعي. و کل شيء جدید و حداثي فهو بالضرورة علی الضد من الدین و لیس بالشيء المعنوي. هذا تصور خاطئ للدین.

الأمر الیوم علی العکس من ذلك، فالعدالة الاجتماعیة التي تطرحها الجمهوریة الإسلامیة و حقوق الإنسان بالنحو الذي یطرحه الإسلام أرقی بکثیر مما یطرح في العالم الدیمقراطي. العدالة الاجتماعیة في الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أکثر تقدماً و تطوراً من الشيء الذي تطلقه ما يسمی بالاشتراکیة. حقوق الإنسان و الحریات الفردیة في إیران أکثر تقدماً مما یطرح فیما یسمی بالدیمقراطیة، و هذا ما یؤیده العالم.

الإسلام ضمانة حقوق الإنسان

العالم الإسلامي لا یحتاج علی صعید الدیمقراطیة و حقوق الإنسان إلی وصفات الغرب المغلوطة و المنسوخة عدة مرات. الدیمقراطیة مدرجة في التعالیم الإسلامیة، و حقوق الإنسان من أبرز ما یقوله الإسلام. الإسلام هو المحامي عن حرمة الإنسان و حقوقه، و هو ضمانة الأخلاق و الفضیلة، و المنادي بالأمن و الاستقرار. أقبح الأکاذیب و ألأم التهم هي ما یرتکبه الذین یضعون الإسلام علی الضد من حقوق الإنسان و التحضر و الأمن، و یجعلون من ذلك أداةً لتبریر تعطشهم الظالم للقوة و التسلط علی الشعوب المسلمة.

یکتب الإمام أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (ع) لمالک الأشتر في کتابه المعروف ( رقم 331 في نهج البلاغة ) أن کن مع الناس کذا و کذا، و لا تکن معهم کالذئب الذي یروم افتراسهم. ثم یقول بعد ذلك: «فإنهم صنفان، إما أخ لك في الدین و إما نظیر لك في الخلق» .. أي إنهم بشر مثلك. و هکذا نری أن الإسلام غیر مهم بالنسبة للإمام علي في مقام الدفاع عن المظلوم و إحقاق حقوق الإنسان. المسلم و غیر المسلم لهما هذا الحق. لاحظوا أي منطق رفیع هذا و أیة رایة شامخة رفعها الإمام علي (ع) في التاریخ. و إذا بالبعض في العالم الیوم یتشدقون باسم حقوق الإنسان، و ما ذلك منهم إلاّ محض کذب و ریاء، فهم لا یراعون حقوق الإنسان علی أیة رقعة من الأرض حتی في بلدانهم، ناهیك عن مراعاتهم لها في أنحاء العالم الأخری! حقوق الإنسان بالمعنی الحقیقي عبّر عنها و عمل بها الإمام أمیر المؤمنین علی ذلك نحو. یقرّر الإسلام حقوقاً حتی للمجرمین. لیس من حق أحد شتم الشخص الذي یُراد له أن یُعدم. عقابه هو الإعدام و الشتیمة شيء زائد و هي ظلم و انتهاك لحقه و یجب الحیلولة دونها.

هذا هو أسلوب التعامل مع شخص حکم علیه بالإعدام، فما بالك بالسجین و ما بالك بالمتهم المطلوب للعدالة، و ما بالك بشخص لم تثبت علیه التهمة إنما توجد حوله بعض الظنون؟! ینبغي مراعاة حقوق الإنسان و الحق الذي قرره الله تعالی لکل واحد من البشر... یجب مراعاة هذه الحقوق بخصوص کافة الأفراد و في جمیع الحالات و بشکل کامل.

مکانة المرأة في حقوق الإنسان الإسلامیة

الحقوق السیاسیة للمرأة في الإسلام

في الإسلام، جری تکریس بیعة المرأة، و ملکیتها، و مشارکتها، في هذه الصعد السیاسیة و الاجتماعیة الأساسیة: «إذا جاءك المؤمنات یبایعنك علی أن لا یشرکن بالله»... النساء کن یأتین و یبایعن الرسول. لم یقل رسول الإسلام لیأتِ الرجال و یبایعوا و کل ما یتفق علیه الرجال ستضطر النساء لقبوله. کلا، قال إن النساء أیضاً یبایعن و یشارکن في قبول هذه الحکومة و الموافقة علی هذا النظام الاجتماعي و السیاسي. الغربیون متأخرون عن الإسلام في هذا المجال ألف وثلاثمائة سنة.

دور المرأة في المجتمع

إذا استطاع البلد تعریف المجتمع النسوي بالمعارف التي أرادها الاسلام اعتماداً علی التعالیم الإسلامیة، فسوف یتضاعف تقدم البلاد و رقیها و رفعتها عدة أضعاف. في أیة ساحة تدخلها المرأة بشکل مسؤول یتضاعف التقدم عدة أضعاف. خصوصیة المشرکة النسویة في المیادین المختلفة هي أن المرأة حینما تدخل الساحة سیدخل معها زوجها و أبناؤها. مشارکة الرجل لا تعني مشارکة ذویه، بید أن مشارکة المرأة تعني هذا الشيء.

ظلم المرأة في البیئة العائلیة

إذا لم یسمحوا للمرأة باکتساب العلم و الدراسة و تحصیل العلم و المعرفة فهذا ظلم. إذا کانت الظروف بحیث لا تجد المرأة بسبب کثرة العمل و الضغوط المختلفة فرصة للرفع من مستواها الأخلاقي و الدیني و المعرفي، فهذا ظلم. إذا لم تتوفر للمرأة إمکانیة استخدام ما تملکه بشکل مستقل و بإرادتها فهذا ظلم. إذا فرض علی المرأة عند الزواج زوج معین و لم یکن لها هي دور في اختیار زوجها و لم یعتن لإرادتها و میلها و رغبتها، فهذا ظلم. إذا لم تستطع المرأة سواء حینما تعیش في البیت مع عائلتها أو عندما تنفصل عن زوجها أن تتزود من أبنائها عاطفیاً بالمقدار اللازم، فهذا ظلم. إذا کان للمرأة موهبة معینة – موهبة علمیة مثلاً أو موهبة في الاختراعات و الاکتشافات، أو موهبة سیاسیة أو موهبة في النشاط الاجتماعي – لکنهم لم یسمحوا لها بتفجیر هذه الموهبة و تثمیرها فهذا ظلم.

القضیة الأساسیة للمرأة

لیست القضیة الأساسیة للمرأة هل إنها تعمل أو لا تعمل. المسألة الأساسیة للمرأة هي تلك التي محقت الیوم في الغرب للأسف، ألا و هي الشعور بالهدوء و الأمن و إمکانیة إبداء المواهب و عدم التعرض للظلم في المجتمع و العائلة و في بیت الزوج و في بیت الأب و ما إلی ذلك.

التعادل في الحقوق الإنسانیة بین المرأة و الرجل

الإسلام نصیر التکامل الإنساني. لا فرق بین المرأة و الرجل في نظر الإسلام علی الإطلاق. المرأة و الرجل جزءان من الوجود الإنساني. لا فرق بینهما أبداً من الناحیة البشریة و الإلهیة. غایة الإسلام من الدفاع عن حقوق المرأة هي أن لا تتعرض المرأة للظلم، و لا یعتبر الرجل نفسه حاکماً یتصرف في مصیر المرأة. ثمة حدود و حقوق في العائلة. للرجل حقوقه و للمرأة حقوقها، و هذه الحقوق عادلة و متوازنة جداً.

الأخلاق الإنسانیة هي المهمة بالنسبة للإسلام. و تفجر المواهب هو المهم. المهم هو النهوض بالواجبات الملقاة علی عاتق أي شخص أو أي جنس، و هذا ما یستلزم طبعاً معرفة الطبائع.

و الإسلام یعرف طبیعة المرأة و طبیعة الرجل بشکل جید. المهم في الإسلام هو التعادل أي مراعاة العدالة المحضة بین أفراد البشر، و من ذلك العدالة بین جنسي المرأة و الرجل. المساواة في الحقوق مهمة، لکن قد تختلف أحکام المرأة عن أحکام الرجل في بعض المواطن کما قد تختلف طبیعة المرأة عن طبیعة الرجل في بعض الخصائص. إذن، المعارف الإسلامیة تنطوي علی أکبر قدر من الحقائق و الواقع المتصل بالفطرة و الطبیعة البشریة في خصوص المرأة و الرجل.

معارضة الاستکبار للإسلام بذریعة حقوق الإنسان

هدف الأعداء العالمیین – الاستکبار و علی رأسه أمریکا و سائر الأذناب و الأعداء الصغار – في أیة نقطة من العالم من معارضتهم للثورة الإسلامیة الإیرانیة هو أن یعارضوا الإسلام. إنهم یعارضون الإسلام لأن الإسلام یقصّر ید الناهبین. یعارضون الإسلام لأنهم یعتبرونه عاملاً یقصّر أرجل الکلاب السائبة التي راحت تنهش خزائن هذا البلد و خیراته. یعارضون الإسلام و یشیعون أنه یعارض حقوق الإنسان. هدفهم أن یسقطوا الإسلام من العیون. هذا في حین أن الإسلام حامل لواء حقوق الإنسان. ما معنی حقوق الإنسان؟ ألیس الفلسطینیون الذین شردهم الصهاینة الخبثاء من بیوتهم و دیارهم في هذا الشتاء القارس، ألیسوا ببشر؟ ألا تصدق حقوق الإنسان علیهم؟ ألیس أبرز مادة في المیثاق العام لحقوق الإنسان – الذي یتشدق به هؤلاء السادة – أن کل إنسان حرّ في بیته و یحقّ له اختیار سکنه؟ إذن، لم دخلوا علیهم بیوتهم و طردوهم منها؟! ألیست فلسطین داراً للفلطینیین ؟ أهذه هي حقوق الإنسان؟ ألیس الفلسطینیون بشراً؟ من ذا الذي لا یدرك الیوم أحابیل أدعیاء حقوق الإنسان و أکاذیبهم الخبیثة؟

العنف و اللاعنف

العنف و اللاعنف لازم و ملزوم طبعاً. في موطن ما یجب أن تمارسوا العنف، و في موضع آخر یجب أن لا تمارسوه. بعض الذین یرغبون بالتشدق بحقوق الإنسان و اللاعنف علی مستوی العالم یرتکبون أسوء صنوف العنف و أقبح أعمال القتل، ثم یتحدثون عن المرونة و مکافحة العنف و ما إلی ذلك! التحدث عن العنف أو اللاعنف بالإطلاق کلام مفتعل. حقیقة الأمر أنه یجب التصرف بنحو حاسم و دون مسامحة و إذا اقتضت الضرورة بعنف في المواطن المناسبة، و لکن ینبغي في مواطن أخری التصرف بمنتهی المرونة و اللطف و الاحترام.

ینبغي المحافظة علی هذه الأمور إلی جانب بعضها.


ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات