کانت المنظمة الإرهابية مجاهدي خلق الإيرانية في العقد الماضي ، التي أدت أنشطتها وأعمالها الإرهابية إلى اغتيال عدد من المسؤولين الإيرانيين وآلاف المواطنين الإيرانيين الأبرياء ، بالإضافة إلى تواطؤهم مع صدام حسين في حملة القمع الدموية للشیعة والأكراد العراقيين على لائحة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي و لقد قامت الولايات المتحدة والعديد من بلدان العالم بحذفها من قائمة الإرهاب للاتحاد الأوروبي (في عام 2009) والولايات المتحدة (2012) ، بسبب الضغط الهائل للراديكاليين والمبالغ الضخمة التي دُفعت للمسؤولین الأمریکیین و كذلك الدعم الخاص من بعض بلدان المنطقة. من الواضح أن منظمة مجاهدي خلق الإرهابية لم تتردد في التظاهر بأي شكل بالقیام بالأعمال الإنسانية ، وذلك لجذب انتباه الحكومات الغربية والانسحاب من القائمة. إلى الحد الذي أعلنت فيه ، سعياً لتحقيق أهدافها أنها ستمتنع عن ممارسة أنشطتها السابقة في الكفاح المسلح ، ومن خلال نزع سلاح قواتها الحزبية ، ستتبع الکفاح والنضال السلمي المدني بعیداً عن العنف .
ليس هناك شك في أن هذا التغيير في النهج والسلوك لم یکن سببه التغییر في طبيعة أو أسس قاعدة المنظمة وإعتقاداتها وإطارها النظري وقادتها. في الواقع في هذه الفترة التاريخية وسعيًا لتحقيق هدفها ، ألا وهو استمرار المنظمة مهما كان الثمن وتحت جميع الظروف ، لم يكن أمام المنظمة خيار سوى التخلي عن العمل المسلح والعنيف السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في هذه الفترة بعد خروج المنظمة من قائمة المنظمات الإرهابية في أوروبا والولايات المتحدة هو هل حذف المنظمة يعني التغاضي عما فعلته المنظمة في إیران والجرائم الدولية التي ارتکبها أعضاء هذه المنظمة ؟
في الإجابة على هذا السؤال ، تجدر الإشارة إلى أن الأعمال التي ارتكبتها هذه المنظمة بالإضافة إلى الإرهاب وبعد دراسة شدة ومدى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وحتى الإبادة الجماعية نجد أنها تمادت إلی درجة کبیرة في أعمالها القذرة فکیف یمکن التغافل عن هذه الجرائم ؟ في مقالة منفصلة بعنوان "نظرة قانونیة لجرائم منظمة مجاهدي خلق واسعة النطاق" ، نوقشت هذه القضية في هذا الإطار ، وكما تم التأكيد مراراً وتكراراً في الماضي ، تم اتخاذ الإجراء المناسب ، ضمن الإطار القانوني للمحكمة المحلية العراقية ، بإصدار لوائح اتهام ضد 35 من قادة مجاهدي خلق ، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ مع صدام في قمع التمرد الداخلي ( الشيعة والأکراد العراقيین) .
ويقال في المناقشات الأساسية وفق القانون أنه عندما تكون هناك جرائم قتل باقیة في أذهان الناس لفترة طویلة فليس من الصحیح عند فرار المجرم من العقوبة التغافل عما فعله بمرور الزمان و مع تطور الأحداث في القرن الماضي ، خاصة بعد أن تم تأسيس النظام الدولي بقوة وأظهرت السوابق القانونیة المحلية والدولية للدول والاتفاقيات الدولية أن التغاضي عن الجرائم بعد مرور فترة من الزمن غير مقبول في الجرائم الدولية.
وتشکلت محكمة نورنبيرغ وطوکیو الدولیة لمحاكمة الجرائم والجنایات الدولية خلال العقدين أو الثلاثة الماضية واستطاعت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ورواندا والمحاكم الخاصة للتحقيق في أحداث كمبوديا وسيراليون تحقیق العدالة ومحاکمة مرتکبي الجرائم والأهم من ذلك فإن نصف قرن من الجهود المنهجية الرامية إلى محاکمة مرتكبي الجرائم الدولية والقضاء على سوء السلوك الإجرامي للمجرمين من خلال التشريعات والقوانین الجنائیة أدت في نهاية المطاف إلى تصویب دستور النظام الأساسي للجنایات والجرائم في محكمة العدل الدولية ،وهذا یعني بوضوح أن ارتكاب جرائم دولية لا یمکن إغفالها والتغاضي عن مرتکبیها . وهكذا ، على الرغم من حذف منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الإرهابية الغربية من خلال الجهود المكثفة والضغط الأمریکي فلم یتم استبعاد محاکمة المنظمة عن الجرائم الدولية التي ارتكبت في أي وقت ولن یتم التغاضي عما فعلته من جنایات إن التأكيد على هذه المسألة أمر بالغ الأهمیة خاصة بعد الجهود التي بذلتها الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة لإنشاء آلية مالية مناسبة للحفاظ على المنافقین .
ترك تعليقاتك
إدراج تعليق كزائر