لو حظي "محتجزوا رفحاء" بما حظيت به جماعة "مجاهدوا خلق" في مخيم "اشرف" وكذلك في مخيم "ليبرتي" في بغداد لحسم ملف رفحاء منذ زمن طويل، القوى السياسية العراقية واطرافها الكثر في الحكومة وجدت نفسها معنية بتلك الجماعة الايرانية اكثر مما اهتمت بالشرائح العراقية الاخرى وخصوصا شريحة محتجزي رفحاء الذين عانوا ما عانوه من بطش النظام السعودي وقسوة الصحراء وبؤسها لفترة طويلة من الزمن، ناهيك عن ان اغلبهم كانوا ممن شارك في انتفاضة اذار "الانتفاضة الشعبانية" عام 1991. لقد ابدى ساستنا نفسا انسانيا منقطع النظير بخصوص مجاهدي خلق وكذلك فيما يخص معتقلي تنظيم القاعدة وجماعات حزب البعث، فيما جفّت ضمائهم عن الملفات الاخرى الاكثر اهمية للاسف الشديد.
كان يفترض ان يأخذ محتزوا رفحاء استحقاقهم من خلال دمجهم مع السجناء السياسيين، لكن القصة طالت اكثر مما ينبغي، وسط جدل عقيم بين مجلس الوزراء والبرلمان. المتابع لهذا الملف يدرك ان القضية لا يراد لها ان تنتهي، ولا للقانون ان ياخذ طريقه للتصويت. ليس خافيا على احد ان هناك في قبة البرلمان من يعارض ذلك وخصوصا التحالف الكردستاني الذي يصر على شمول القانون لسكان المخيمات الاخرى في ايران وتركيا، وليس خافيا ان هناك من يعارضه لاسباب اخرى، لكن على الاقل كان يفترض بهيئة رئاسة البرلمان ان تعرض القانون للتصويت بعد القراءة الثانية، ومن لم ينسجم مع ما جاء به القرار يمكنه ان يرفض القانون او يمتنع عن التصويت. ان ما تعرّض له القانون ليس الا تسويف ومماطلة ولي ذراع بين الاطراف السياسية، كما حصل مع العديد من القوانين الاخرى. لست معنيا هنا بمناقشة ما جاء في القانون من تفاصيل ومميزات، بقدر مناقشة الطريقة التي يتم التعامل بها مع قضية محتجزي رفحاء من قبل مجلس الوزراء وكذلك من قبل البرلمان ورئاسته التي تماطل هي الاخرى بتمرير هذا القانون. ان القوى السياسية العراقية بشكل عامل سوّفت هذا الملف الانساني بطريقة فاقت تسويفها لكل الملفات الاخرى، وبعد سنوات من الانتظار انتهى المطاف بهذا القانون الى دوامة من اللجان التي لا تفضي الى شيء.
ان قانون السجناء السياسيين بصيغته الحالية وكذلك الكثير من القوانين الاخرى لا يتوقع له ان يمر بسهولة وذلك لان كل كتلة تحاول افشال تمريره اذا ما تبنته كتلة اخرى طعنا في نجاح اي طرف، وبالتالي يبقى القانون ضحية لتلك الدوامة من الصراعات. الحل الامثل لتمرير هذا القانون هو وضعه في سلة واحدة مع القوانين الاخرى التي يحسم امرها خارج قبلة البرلمان مسبقا ضمن مجموعة من القوانين وتمرر على طريقة التخادم السياسي. ربما بتلك الطريقة يمر القانون والا فمن الصعب تمريره وسط هذه الفوضى السياسية والتشريعية التي يعيشها العراق.
وبشكل عام ليس المهم ان يدرج محتجزوا رفحاء ضمن قانون السجناء السياسيين او تحت عنوان آخر، بل المهم ان يحصلوا على حقوق تتناسب مع ما قدموا من تضحيات.
ترك تعليقاتك
إدراج تعليق كزائر