شهدت محافظة ديالى (120 كم شمال شرق العاصمة العراقية بغداد) يوم الجمعة الماضي تظاهرات واحتجاجات جماهيرية واسعة تطالب بإخراج ما يسمى بمنظمة "مجاهدي خلق" الايرانية من المحافظة ومن العراق بالكامل.

لم تكن التظاهرات الأخيرة الاولى من نوعها في المحافظة، بيد أنها كانت الاوسع والاكبر من سابقاتها، وهذه كانت رسالة واضحة موجهة بالدرجة الاساس الى الحكومة العراقية وفحواها انه لا بد من تطبيق قرارها القاضي بإخراج عناصر المنظمة من العراق خلال فترة زمنية اقصاها نهاية العام الجاري، وموجهة الى المجتمع الدولي- وتحديدا الى من يدافع عن منظمة خلق ويتعاطف معها- فحواها ان العراقيين لم يعودوا يتحملون استمرار بقاء عناصر المنظمة في بلادهم اكثر من ذلك.

جمعية الدفاع عن حقوق ضحايا "منظمة خلق" اعلنت على لسان رئيسها نافع العيساوي "اننا لن نسمح ببقاء عصابات وعناصر منظمة منافقي خلق بالتواجد في محافظة ديالى بعد نهاية العام الحالي 2011، واننا لن نسمح بعودة عقارب الساعة الى الوراء، وسندعو الى اعتصامات وتظاهرات في عموم محافظات البلاد من اجل اخراج المنظمة المصنفة دوليا من المنظمات الارهابية من الاراضي العراقية".

وقبل ايام قليلة نشرت بعض وسائل الاعلام العراقية تقارير عن استحواذ "منظمة خلق" على الفي دونم من الاراضي الزراعية العائدة لأعداد من المزارعين العراقيين في ناحية العظيم التي يقع على تخومها معسكر اشرف، في عهد النظام البائد. ويوم الاحد الماضي، الحادي عشر من شهر كانون الاول/ ديسمبر الجاري دعت الحكومة العراقية المتضررين من الاعمال الارهابية لمنظمة خلق الى الاسراع بتقديم الدعاوى القضائية قبل نهاية العام الجاري، مشيرة الى ان المحكمة الجنائية العليا هي الجهة المعنية بالنظر في تلك الدعاوى.

وفي ذلك يقول النائب عن التحالف الوطني في البرلمان العراقي علي العلاق "ان على اهل المجني عليهم ممن له حق بذمة منظمة خلق التوجه الى القضاء العراقي"، مؤكداً "ان الحكومة ستنهي وجود معسكر اشرف نهاية العام الجاري وهذا سينهي امكانية تقديم الشكاوى ضدهم، وان اللجنة القضائية التي ستفصل في هذه الدعاوى هي المحكمة الجنائية العليا التي حاكمت رموز النظام المباد وهي مازالت تعمل حتى الان".

ولعل المعلومة المهمة التي كشف عنها النائب العلاق هي "ان عناصر منظمة خلق سينقلون الى اماكن خاصة داخل العراق بصورة مؤقتة بعد اغلاق معسكر اشرف نهاية هذا العام لحين ايجاد حل لقضيتهم".

وحتى الآن فأن لجنة الدفاع عن ضحايا منظمة خلق تبنت 258 دعوى قضائية ضد المنظمة بتهم القيام بأعمال ارهابية ادت الى مقتل عشرات المواطنين العراقيين في مدن كربلاء والنجف وجلولاء وكفري والبصرة وميسان وواسط،اضافة الى جرائم التهجير والاستيلاء على اراضي زراعية بشكل غير قانوني في ناحية العظيم، فضلا عن تورط بعض قيادات وكوادر خلق بمخططات اثارة الفتن الطائفية والمذهبية والقومية بين العراقيين بعد سقوط نظام صدام.

وتشير ثريا عبدو الهي مسؤولة النساء الايرانيات المعتصمات في العراق لإرغام قيادات "منظمة خلق" على اخلاء سبيل ابنائهن المحتجزين في معسكر اشرف، الى انها حصلت على ملفات مهمة تؤكد تورط قيادات منظمة خلق بأختطاف الف وخمسمائة مواطن ايراني من تركيا والمانيا وايطاليا في عهد نظام صدام، ثم نقلهم الى العراق واحتجازهم في معسكر اشرف وارغام البعض منهم على ارتكاب اعمال ارهابية.

وفي الواقع هناك ارقام ومعطيات ووثائق كثيرة جدا تدين "منظمة خلق" وتثبت حقيقة منهجها، والادوار السلبية التي قامت بها ضد العراقيين سواء في عهد نظام صدام او حتى بعد سقوطه، مستفيدة من الحماية والحصانة التي وفرتها القوات الاميركية لعناصر وكوادرها، بحيث انه لم يكن بإمكان السلطات العراقية ان تتخذ أي اجراء بحقهم رغم وجود رأي عام شعبي عراقي داعم ومؤيد بقوة لانهاء وجود هذه المنظمة من الاراضي العراقية، الى جانب توجه بهذا المنحى لمعظم القوى السياسية العراقية.

ويتذكر الكثيرون الاحداث التي شهدها معسكر اشرف في نيسان/ ابريل الماضي، والاعتداءات التي قام بها عناصر المنظمة ضد القوات العراقية التي اوكلت لها مهمة حماية المعسكر، اذ ان تلك الاحداث مثلت اشارة واضحة جدا على ان منظمة خلق تريد ان تفرض واقعا يناسب مصالحها وحساباتها دون الاكتراث بأي شيء، وربما مثل ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث اتخذت الحكومة العراقية قرارا حاسما بإغلاق معسكر اشرف نهاية هذا العام كخطوة أولى لإنهاء ذلك الملف برمته بأسرع وقت.

والسؤال هنا هل سيكون بإمكان الحكومة العراقية ان تغلق المعسكر خلال السبعة عشر يوماً المقبلة؟ وهل توجد خيارات وبدائل عملية وقابلة للتطبيق دون حدوث مشاكل وازمات معقدة وشائكة.

الانطباع السائد يتمثل في أن الحكومة العراقية ملزمة بأن تتخذ خطوات سريعة وحاسمة، وتأخذ في الحسبان الآثار والنتائج العابرة الوقتية التي يمكن ان تترتب على الخطوات السريعة والحاسمة، لأنه باختصار شديد لن تجدي النقاشات والحوارات الهادئة وانتظار الحلول الخارجية نفعاً في اغلاق ملف كان من المفترض ان يغلق قبل هذا الوقت بكثير..

ومثلما اشرنا في مقال سابق .. فليكن "آخر الدواء الكي".

الإنتقاد - عادل الجبوري

ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات