ب:التظاهر بالإسلام
عن رسول الله (ص) : خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت ، ولا فقه في الدين .
بسبب خصائص المجتمع الإسلامي الإیراني سعی المنافقون ومنذ بدایة ظهورهم إلی إخفاء هویتهم الحقیقیة وعقائهم الباطلة عن أعین الناس ، وکانوا یستغلون الأحاسیس الدینیة للناس لیخدعوهم ویضموهم إلی صفوفهم ، وبنظرة سریعة إلی بیانات حرکة النفاق الملونة یفهم کل قارئ أنهم یصرون علی أن یعرفوا أنفسهم کمسلمین،فـ «الإسلام الأصیل »، «التشیع العلوي الأحمر » «إلی الأمام من أجل توطید المجتمع التوحیدي » هي شعارات وأقوال أکثر المنافقون من تکرارها في کتاباتهم .
ولو أننا لا نقصد في هذه المقالات البحث عن جذور ایدلوجیات النفاق ، ولکن ومن أجل کشف الماهیة الحقیقیة لهذه المدرسة الفکریة الإنتقائیة سنشیر بشکل مختصر إلی بعض المسائل في هذا المجال .
اللیبرالیة الدینیة ، مهد الإنتقائیة
حرکة النفاق نشأت من قلب «نهضت آزادي (نهضة الحریة )» فکانت اللیبرالیة الدینیة الحاکمة في حرکة نهضة الحریة هي مصدر التغذیة الفکریة لقادة النفاق الأوائل ، وباعترافات المنافقین فإن أهم المصادر لمطالعات قادة النفاق کان کتاب « ماقطع من الطریق » تألیف مهدی بازرگان ، والذی کان یحرص المنافقون علی قرائته من أجل « التعرف علی الأفکار والمبادئ الإسلامیة الأصیلة » ، ومن هنا ومن أجل التعرف علی الجذور الأیدلوجیة للنفاق من الضروري أن نقوم بدراسة المنبع الفکري الأول لهذه الحرکة .
من الحنبلیة إلی الإنتقائیة
هناک بحث واسع للشهید مطهری في نقد الأسس الفکریة لدی حرکة « نهضة الحریة » وبالخصوص الأفکار التي احتواها کتاب «ما قطع من الطریق » وقد جاء هذا البحث في مقدمته علی الجزء الخمس لکتاب « أصول الفلسفة والمدرسة الواقعیة »، تألیف العلامة الطباطبائي ، وفي المقدمة کتب الشهید مطهري: « في صدر الإسلام ظهرت بین العامة مدرستان من حیث التدبر والتعمق في مسائل ما وراء الطبیعة للقرآن الکریم والسنة الشریفة، فالبعض منهم وهم أهل الحدیث الذین کانت معرفتهم تقتقصر علی مسائل روایة الحدیث و کانوا یرفضون أي تعمق وبحث في هذه المسائل الإلهیة، أما المعتزلة فقد کانوا یقولون بوجوب البحث في أعماق هذه المسائل .
وبعد شرحه لعقائد الطرفین یضیف الشهید مطهری :
« فی القرون الماضیة استطاع فکر أهل الحدیث عند العامة من الرسوخ فیما بین الشیعة ، فوجد بین الشیعة من یعتبر أي تفکر أو تعمق في المعارف الإلهیة نوعا من البدعة والضلالة ، ولا شک أن هذا الأمر هو انحراف عن سیرة رؤساء هذا المذهب »
وبعدها ینقل الشهید مطهری نظر الفیلسوف ملا صدرا في هذا الموضوع فیکتب نقلا عن هذا الفیلسوف الإسلامي الکبیر : «وهم (الحنابلة ) من أهل الحدیث بحیث أن مسائل الواجب والممکن والقدیم والحادث کأنها بالنسبة لهم من المتشابهات ، وتفکیرهم لا یرتفع عن حدود الأجسام والمادیات »
ویتابع الشهید مطهری بحثه مشیرا إلی أن الحالات الجدیدة للمدرسة المادیة والتجربیة في فهم الطبیعة قد تابعت وقلدت أسلوب القیاس في أوربا وهذا التحول في العالم الإسلامي کان له تأثیرات کبیرة ، یقول : ظهرت عند البعض نظریة فکریة انتقائیة «تلفیقیة » جدیدة کانت ردة فعل علی التفکر الحنبلي الذی یمنع البحث والتعمق في الإلهیات وکانت تابعة لأتباع المنهج المادي والتجربي في فهم الطبیعة ، وقد خالف أصحاب هذه النظریة الحنابلة في مسألة البحث في الإلهیات وقالوا : «من الممکن البحث في الإلهیات ولکن في هذا البحث یجب أن نعتمد علی المنهج المادي والتجربی والذي یستخدم في معرفة الطبیعة » وقد ادعی هؤلاء أنه من وجهة نظر القرآن یکون الطریق الوحید لمعرفة الباري تعالی هو التفکر في الطبیعة والمخلوقات باستخدام الأسلوب المادي ، وأما کل طریق غیر هذا الطریق سیکون بلا أي فائدة »....یتبع.
کتاب السجل الأسود 3 " بالفارسیة" .
ترك تعليقاتك
إدراج تعليق كزائر