الدواعش يتبّعون أساليب إرهابية جديدة لإزهاق أرواح الأبرياء أسباب تنوع العمليات الإرهابية في بغداد الانفجار الذي طال حي الكرادة أسفر عن إصابة أكثر من 450 مواطن عراقي بين شهيد وجريح ولا بد للسمؤولين العراقيين من اتخاذ خطوات جديدة لإعادة النظر في المنظومة الأمنية بغية احتواء الأساليب الإرهابية الجديدة.

في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك والعراقيون كعادتهم توجهوا إلى الأسواق للتبضع بمناسبة اقتراب عيد الفطر لكن الإرهاب التكفيري الأعمى الذي لا يعرف الرحمة ولا يؤمن بدين كمن لهم في سوق الكرادة المزدحم وفي ساعة الذروة بتفجير كبير راح ضحيته عشرات الضحايا بين شهيد وجريح معظمهم من النساء والأطفال وبلغ عدد الشهداء 292 والجرحى أكثر من 200 ما أدى إلى حدوث صدمة عظيمة بين أبناء الشعب العراقي ولا سيما أهالي بغداد. وبكل تأكيد لا بد من تحليل هذه العمليات الإرهابية من مختلف زواياها الأمنية والسياسية بغية وضع حل لها، فمن الناحية السياسية يمكن القول إنها نتيجة لعملية سياسية عقيمة كما يعتقد بعض الساسة والخبراء في الشأن العراقي الأمر الذي يقتضي إجراء تعديلات عاجلة في الواقع السياسي ويمكن القول إن أول خطوة اتخذت على هذا الصعيد هي استقالة وزير الداخلية محمد سالم الغبان الذي دعا إلى هذه التعديلات مؤكداً على ضرورة إعادة النظر في الخطط الأمنية أيضاً.

* ضرورة توحيد الصف العراقي عسكرياً وأمنياً

باعتقاد وزير الداخلية محمد سالم الغبان فإن المنظومة الأمنية في العراق لا بد من تنسيقها بصياغة جديدة في العاصمة بغداد بغية احتواء الأزمات والإشراف على جميع الأعمال الإرهابية قبل وقوعها. في الوقت الراهن تتولى قوات مكافحة الإرهاب والشرطة المحلية ورجال الاستخبارات العراقية مسؤولية الحفاظ على أمن العاصمة في حين أن قوات الشرطة فقط تخضع لإدارة وزارة الداخلية لكن النقد اللاذع عادة ما يوجه لها عند حدوث أي خلل أمني في بغداد، وهذا الأمر هو أحد الأسباب التي دعت وزير الداخلية إلى تقديم استقالته.

* عدم تسليط الضوء على تنامي الزمر الإرهابية التابعة لداعش في داخل المدن العراقية

من الناحية الأمنية أيضاً يمكن القول إن زمرة داعش الإرهابية وذيولها في العراق تتنامى في بعض المناطق كالجرذان في جنح الظلام الأمر الذي يقتضي اتخاذ خطوات فاعلة بغية اجتثاثها والقضاء عليها قبل أن تطال أعمالها الإرهابية أرواح الأبرياء والبنى التحتية للشعب العراقي، وهناك الكثير من النماذج على هذه الظاهرة في العراق وسوريا وللأسف فإن الزمر التكفيرية ما زالت تتنقل بين هذين البلدين رغم أن الحكومة العراقية اشترت طائرات متطورة لمراقبة هذه التحركات المشبوهة ولكن مع ذلك فقد بادر جرذان داعش إلى حفر أنفاق تحت الأرض للتخلص من هذه المراقبة. والمعضلة الأخرى على هذا الصعيد أن الدواعش ما زالوا يجندون مرتزقة لهم بدعم جلي من بعض الدول التي يشار إليها بالبنان بحيث جندت هذه الطاقات المنحرفة الجديدة بغية ارتكاب أعمال إرهابية تطال المدنيين في الأسواق والمدارس والمساجد متى ما واجهوا هزيمة نكراء في ساحة القتال.

* الأساليب الإرهابية الجديدة في التفنن لقتل الأبرياء

المواد المتفجرة التي استخدمها إرهابيو داعش في حي الكرادة مؤخراً لم تستخدم في التفجيرات السابقة حيث كانت ذات قدرة تخريبية كبيرة وقد اختلفت التوقعات حول طبيعتها وقيل إنهم استخدموا مادة السي فور شديدة الانفجار بدل الديناميت في حين أن قال آخرون إنهم استخدموا مادة النابالم المحرمة دولياً. وكما هو معلوم فإن زمرة داعش تجند الخبراء في المواد الكيمياوية بغية صناعة أسلحة جديدة أكثر فتكاً بحيث تكون لها القابلية على إزهاق أكبر عدد ممكن من الناس لدرجة أن داعميهم في شتى بقاع العالم يزودوهم بما يحتاجون إليه على هذا الصعيد ويروجون لمكتشافتهم الإجرامية الجديدة في الإنترنيت بغية قيام جميع زمرهم بإنتاجها وقتل الأبرياء بواسطتها. وقد سخر إرهابيو داعش مختبرات جامعة الموصل لأجل صناعة مواد سامة وغازات خانقة وبالفعل فقد استخدموا مثل هذه المواد المحرمة دولياً في عدة مناطق من سوريا والعراق.

* استغلال زمرة داعش للفراغ الأمني في العراق

منذ سقوط الدكتاتور صدام حسين وبغداد لم يهدأ لها بال حيث أصبحت مسرحاً للزمر التكفيرية والإرهابية المدعومة من شرذمة حزب البعث المنحل في العراق وقد تمكن بعض هؤلاء من التغلغل في باطن المنظومة الأمنية الأمر الذي جعل المسؤولين العراقيين يفكرون بجد للتصدي لهم لأنهم يتربصون المكائد بالمدنيين وكلما واجه جرذانهم هزائم فادحة على ساحة القتال فإنهم سرعان ما يبادرون إلى الاقتصاص من النساء والأطفال في الأسواق والمدارس والمساجد عن طريق عمليات انتحارية أو قصف بقذائف الهاون وما شاكلها. وما زاد الطين بلة أن الأجهزة الأمنية في العراق تمتلك بعض المعدات المزيفة لاكتشاف المتفجرات والتي لا فائدة تُرجى منها ما أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا بسبب عدم قدرة هذه المعدات على كشف المفتجرات رغم إنفاق أكثر من 85 مليون دولار لشرائها وفي عام 2010م تبين أنها مجرد أجهزة تنصب في الأبواب لاكتشاف المواد المعدنية وليست لها أية قابلية على اكتشاف المتفجرات وقد اعتقلت الشرطة البريطانية أحد مصدري هذه المعدات إلى العراق وأفغانستان بتهمة النصب والاحتيال. لذلك أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قراراً بتأسيس لجنة تحقيق حول عقود شراء هذه المعدات المزيفة ومعاقبة جميع الضالعين فيها. ويمكن القول إن زمرة داعش الإرهابية ما زالت منتعشة في الظلام وخلف الكواليس ولا تنشط إلا عند توجيه ضربة قاصمة لها في ساحة القتال وبعد أن تعجز عن المواجهة العسكرية تلجأ إلى إزهاق أرواح النساء والأطفال انتقاماً لهزائهما، وبالتالي لا بد من توحيد الصف العراقي ولا سيما على الصعيدين السياسي والأمني بغية إحباط مخططات جرذان الدواعش مستقبلاً والحفاظ على أرواح المواطنين الأبرياء ولا بد في هذا الصعيد من امتلاك تقنية كشف متفجرات حديثة.

المصدر: تسنيم

ترك تعليقاتك

إدراج تعليق كزائر

0
سيصل رأيک إلی مدير الموقع
  • لا توجد تعليقات